باب (كم)
اعلم أن لـ (كم) موضعين (١) : تكون في أحدهما استفهاما وفي الآخر خبرا فأما إذا كانت استفهاما فهي فيه بمنزلة : عشرين وما أشبهه من الأعداد التي فيها نون تنصب ما يفسرها تقول : كم درهما لك كما تقول : أعشرون درهما لك أثلاثون درهما لك فينتصب الدرهم بعد (كم) كما انتصب بعد عشرين وثلاثين ؛ لأن (كم) اسم ينتظم العدد كله وخص الاستفهام بالنصب ليكون فرقا بينه وبين الخبر ؛ لأن العدد على ضربين : منه ما يضاف إلى المعدود ومنه ما لا يضاف كما ذكرنا فجعلت (كم) في الاستفهام بمنزلة ما لا يضاف منه ، وذلك نحو : خمسة عشر وعشرين فخمسة عشر أيضا بمنزلة اسم منون ألا ترى أنه لا يضاف إلى ما يفسره فإذا قلت : كم درهما لك فإنما أردت : كم لك من الدراهم كما أنك لما قلت : عشرون درهما إنما أردت : عشرون من الدراهم ولكنهم حذفوا (من) استخفافا كما قالوا : هذا أول فارس في الناس وإنما يريدون : هذا أول الفرسان.
قال الخليل : إن : (كم درهما لك) أقوى من قولك : (كم لك درهما) ، وذلك أن قولك :(أعشرون لك درهما) أقبح إلا أنها في (كم) عربية جيدة ، وذلك قبيح في عشرين إلا أن الشاعر قد قال :
على أنني بعد ما قد مضى |
|
ثلاثون للهجر حولا كميلا (٢) |
__________________
(١) يلتحق بالعدد المخفوض تمييز كم الخبرية وهي اسم دال على عدد مجهول الجنس والمقدار يستعمل للتكثير ولهذا انما يستعمل غالبا في مقام الافتخار والتعظيم ويفتقر الى تمييز يبين جنس المراد به ولكنه لا يكون إلا مخفوضا كما ذكرنا ثم تارة يكون مجموعا كتميز الثلاثة والعشرة وأخواتهما وتارة يكون مفردا كتميز المائة والألف وما فوقها.
والخامس ما يحتاج الى تمييز مفرد منصوب أو مخفوض وهو كم الاستفهامية المجرورة بكم درهم اشتريت فالنصب على الأصل والجر بمن مضمرة لا بالإضافة خلافا للزجاج. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٦٠٢.
(٢) لا يجوز فصل هذا التمييز. ، وأما قوله :
على أنّني بعد ما قد مضى |
|
ثلاثون للهجر حولا كميلا |
فضرورة. انظر شرح الأشموني على الألفية ١ / ٣٩٨.