لأنك أردت بالأول : يا زيد عمرو فأما أقحمت الثاني توكيدا للأول ، وأما حذفت من الأول المضاف استغناء بإضافة الثاني فكأنه في التقدير : يا زيد عمرو زيد عمرو ويا تيم عدي تيم عدي.
واعلم أن المضاف إذا وصفته بمفرد وبمضاف مثله مل يكن نعته إلا نصبا لأنك إن حملته على اللفظ فهو نصب والموضع موضع نصب فلا يزال ما كان على أصله إلى غيره ، وذلك نحو قولك : يا عبد الله العاقل ويا غلامنا الطويل والبدل يقوم مقام المبدل منه تقول : يا أخانا زيد أقبل ، فإن لم ترد البدل وأردت البيان قلت : يا أخانا زيدا أقبل ؛ لأن البيان يجري مجرى النعت.
شرح الثالث : وهو الاسم المنادى المضارع للمضاف لطوله :
إذا ناديت أسما موصولا بشيء هو كالتمام له فحكمه حكم المضاف إذا كان يشبهه في أنه لفظ مضموم إلى لفظ هو تمام الاسم الأول ويكون معرفة ونكرة ، وذلك قولك : يا خيرا من زيد أقبل. ويا ضاربا رجلا ، ويا عشرون رجلا ، ويا قائما في الدار وما أشبهه جميع هذا منصوب أقبلت على واحد فخاطبته وقدرت التعريف ، وإن أردت التنكير فهو أيضا منصوب وقد كنت عرفتك أن المعارف على ضربين : معرفة بالتسمية ومعرفة بالنداء.
وقال الخليل : إذا أردت النكرة فوصفت أو لم تصف فهي منصوبة ؛ لأن التنوين لحقها فطالت فجعلت بمنزلة المضاف لما طال نصب ورد إلى الأصل كما تفعل ذلك بقبل وبعد وزعموا : أن بعض العرب يصرف قبلا فيقول : أبدأ بهذا قبلا فكأنه جعلها نكرة ، وأما قول الأحوص :
سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام (١) |
فإنما لحقه التنوين كما لحق ما لا ينصرف.
__________________
(١) إذا كان المنادى مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يجب بناؤه على الضم وذكر هنا أنه إذا اضطر شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو معصوم وكان له نصبه وقد ورد السماع بهما فمن الأول قوله :
سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام |
انظر شرح ابن عقيل ٣ / ٢٦٢.