باب مضارع للنداء
اعلم أن كل منادى مختص ، وإن العرب أجرت أشياء لما اختصتها مجرى المنادى كما أجروا التسوية مجرى الاستفهام إذ كان التسوية موجودة في الاستفهام ، وذلك قولهم : أما أنا فأفعل كذا وكذا أيها الرجل أو : نفعل نحن كذا وكذا أيها القوم واللهم أغفر لنا أيتها العصابة.
قال سيبويه : أراد أن يؤكذ ؛ لأنه اختص إذ قال : إنه لكنه أكد كما تقول لمن هو مقبل عليك كذا كان الأمر يا فلان ولا يدخل في هذا الباب لأنك لست تنبه غيرك.
ومن هذا الباب قول الشاعر :
إنّا بني نهشل لا ننتمي لأب |
|
عنه ولا هو بالأبناء يشرينا (١) |
نصب بني مختصا على فعل مضمر كما يفعل في النداء نحو (أعني) وما أشبه ذلك.
__________________
(١) قال ابن هشام : المنادى نوع من أنواع المفعول به وله أحكام تخصه فلهذا أفردته بالذكر وبيان كونه مفعولا به أن قولك يا عبد الله أصله يا أدعو عبد الله ف يا حرف تنبيه وأدعو فعل مضارع قصد به الإنشاء لا الإخبار وفاعله مستتر وعبد الله مفعول به ومضاف اليه ولما علموا أن الضرورة داعية الى استعمال النداء كثيرا أوجبوا فيه حذف الفعل اكتفاء بأمرين أحدهما دلالة قرينة الحال والثاني الاستغناء بما جعلوه كالنائب عنه والقائم مقامه وهو يا وأخواتها
وقد تبيّن بهذا أن حقّ المناديات كلها أن تكون منصوبة لأنها مفعولات ولكن النصب انما يظهر اذا لم يكن المنادى مبنيا وانما يكون مبنيا اذا أشبه الضمير بكونه مفردا معرفة فإنه حينئذ يبنى على الضمة أو نائبها نحو يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ، وأما المضاف
والشبيه بالمضاف والنكرة غير المقصودة فإنهن يستوجبن ظهور النصب وقد مضى ذلك كله مشروحا ممثلا في باب البناء فمن أحبّ الوقع عليه فليرجع اليه. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٢٨٤.