مسائل من هذا الباب
تقول : يا هذا الطويل أقبل في قول من قال : يا زيد الطويل ومن قال : يا زيد الطويل قال : يا هذا الطويل وليس الطويل بنعت لهذا ولكنه عطف عليه وهو الذي يسمى عطف البيان ؛ لأن هذا وسائر المبهمات إنما تبين بالأجناس ألا ترى أنك إذا قلت : جاءني زيد فخفت أن يلتبس الزيدان على السامع أو الزيود قلت : الطويل وما أشبه لتفصل بينه وبين غيره ممن له مثل اسمه ، وإذا قلت : جاءني هذا فق أو مأت له إلى واحد بحضرتك وبحضرتك أشياء كثيرة وإنما ينبغي لك أن تبين له عن الجنس الذي أو مأت له إليه لتفصل ذلك عن جميع ما بحضرتك من الأشياء ألا ترى أنك لو قلت له : يا هذا الطويل وبحضرتك إنسان ورمح وغيرهما لم يدر إلى أي شيء تشير.
وإن لم يكن بحضرتك إلا شيء طويل واحد وشيء قصير واحد فقلت : يا هذا الطويل جاز عندي ؛ لأنه غير ملبس والأصل ذاك وأنت في المبهمة تخص له ما يعرفه بعينه وفي غير المبهمة تخص له ما يعلمه بقلبه.
وتقول في رجل سميته بقولك : زيد وعمرو يا زيدا وعمرا أقبل تنصب لطول الاسم ولو سميته : طلحة وزيدا لقلت : يا طلحة وزيدا أقبل ، فإن أردت بطلحة الواحدة من الطلح قلت :يا طلحة وزيدا أقبل لأنك سميته بها منكورة ولم تكن ولم تكن جميع الاسم فتصير معرفة إنما هي في حشو الاسم كما كانت فيما نقلتها عنه وتقول : يا زيد الظريف على أصل النداء عند البصريين وقال الكوفيون : يراد بها يا أيها الظريف فلما لم يأت (بيا أيها) نصبته وربما نصبوا المنعوت بغير تنوين فأتبعوه نعته وينشدون :
فما كعب بن مامة وابن سعدى |
|
بأجود منك يا عمر الجوادا (١) |
__________________
(١) انتصاب المنادى لفظا أو محلا عند سيبويه على أنه مفعول به وناصبه الفعل المقدر ، فأصل يا زيد عنده أدعو زيدا ، فحذف الفعل حذفا لازما لكثرة الاستعمال ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته ، وأجاز المبرد نصبه بحرف النداء لسده مسد الفعل ، فعلى المذهبين يا زيد جملة وليس المنادى أحد جزأيها فعند سيبويه جزآها