باب تصرف (لا)
لـ (لا) في الكلام مواضع وجملتها النفي ومواضعها تختلف فتقع على الأسماء نحو قولك :ضربت زيدا لا عمرا وجاءني زيد لا أخوه وتقع على الأفعال في القسم وغيره تقول : لا يخرج زيد وأنت مخبر ولا ينطلق عبد الله ويكون للنهي في قولك : لا ينطلق عبد الله ولا يخرج زيد وتجزم بها الفعل فيكون بحذاء قولك في الأمر : ليخرج عبد الله ولتقم طائفة منهم معك.
وقد تكون من النفي في موضع آخر وهو نفي قولك : إيت وعمراظ فإذا أردت نفي هذا قلت : لا تأت زيدا وعمرا لم يكن هذا نفيه على الحقيقة ؛ لأنه إن أتى أحدهما لم يعصه ؛ لأنه نهاه عنهما جميعا ، فإن أراد أن تمتنع منهما معا فنفي ذلك : لا تأت زيدا ولا عمرا فمجيئها هاهنا لمعنى انتظام النهي بأمره ؛ لأن خروجها إخلال به.
ويقع بعدها في القسم الفعل الماضي في معنى المستقبل ، وذلك قولك : والله لا فعلت إنما المعنى : لا أفعل ؛ لأن قولك في القسم : لا أفعل إنما هو لما يقع فأما قولهم : لا أفعل نفي لقولك : لأفعلنّ ولذلك يجوز أن تحذف (لا) وأنت تريد النفي وجائز أن تقول : لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه. وهذا مجاز.
وحق هذا الكلام أن يكون نفيا لقيامه وقعوده فيما مضى.
وقال الله عز وجل : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البلد : ١١].
ومن هذا قول [الأعرابي] للنبي صلّى الله عليه وسلّم : (أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهلّ؟) (١) أي : من لم يأكل ولم يشرب ، يعني : الجنين.
فإذا قلت : والله أفعل ذاك فمعناه : لا أفعل فلو قلت : والله أقوم تريد : لأقومنّ كان خطأن لأنها حذفت استخفافا لاستبداد الإيجاب باللام والنون.
__________________
(١) أخرجه مسلم (١٦٨٤) ، وأخرجه الترمذي (١٤٠١) ، وأخرجه النسائي (٤٨٢١). ونص النسائي : أنّ رجلا من هذيل كان له امرأتان ، فرمت إحداهما الأخرى بعمود الفسطاط فأسقطت ، فقيل : أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهلّ؟ فقال : " أسجع كسجع الأعراب؟ " ، فقضى فيه رسول الله : " بغرّة عبد أو أمة ، وجعلت على عاقلة المرأة".