مسائل من باب (لا)
تقول : لا غلامين ، ولا جاريتي لك.
إذا جعلت الآخر مضافا ولم تجعله خبرا له وصار الأول مضمرا له كأنك قلت : لا غلامين في ملكك ، ولا جاريتي لك. كأنك قلت : ولا جاريتك في التمثيل.
قال سيبويه : ولكنهم لا يتكلمون به يعني بالمضمر واختص (لا) بهذا النفي ، وإن شئت قلت : لا غلامين ولا جاريتين لك إذا جعلت (لك) خبرا لهما وهو قول أبي عمرو.
وكذلك لو قلت : لا غلامين لك وجعلت (لك) خبرا.
فإذا قلت : لا أبالك فها هنا إضمار مكان ولكنه يترك استخفافا واستغناء.
وتقول : لا غلامين ولا جاريتين لك ، وغلامين وجاريتين لك ، كأنك قلت : لا غلامين ولا جاريتين في مكان كذا وكذا.
فجاء (بلك) بعد ما بني على الكلام الأول في مكان كذا وكذا كما قال : لا يدين بها لك حين صيره كأنه جاء (بلك) بعد ما قال : لا يدين بها في الدنيا لك وقبيح أن تفصل بين الجار والمجرور فتقول لا أخا هذين اليومين لك.
قال سيبويه : وهذا يجوز في ضرورة الشعر ؛ لأن الشاعر إذا اضطر فصل بين المضاف والمضاف إليه.
قال الشاعر :
كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا |
|
أواخر الميس أصوات الفراريج (١) |
__________________
(١) فصل لضرورة الشعر ، بالظرف بين المتضايفين. والأصل : كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهنّ بنا إنقاض الفراريج.
في الأصول لابن السرّاج : وقبيح أن تفصل بين الجارّ والمجرور فتقول لا أخا هذين اليومين لك.
قال سيبويه : هذا يجوز في ضرورة الشعر لأنّ الشاعر إذا اضطرّ فصل بين المضاف إليه. وأنشد هذا البيت.
و" من" للتعليل و" الإيغال" : الإبعاد ، يقال أوغل في الأرض ، إذا أبعد فيها ، حكاه ابن دريد قال : وكل داخل في شيء دخول مستعجل فقد أوغل فيه.