باب (ربّ)
(ربّ) : حرف جر وكان حقه أن يكون بعد الفعل موصلا له إلى المجرور كأخواته إذا قلت : مررت برجل وذهبت إلى غلام لك ولكنه لما كان معناه التقليل وكان لا يعمل إلا في نكرة فصار مقابلا (لكم) إذا كانت خبرا فجعل له صدر الكلام كما جعل (لكم) وآخر الفعل والفاعل فموضع ربّ وما عملت فيه نصب كما أن موضع الباء ومن وما عملنا فيه نصب إذا قلت : مررت بزيد وأخذت من ماله.
ويدل على ذلك أن (كم) يبنى عليها وربّ : لا يجوز ذلك فيها ، وذلك قولهم : كم رجل أفضل منك فجعلوه خبرا (لكم) كذلك رواه سيبويه عن يونس عن أبي عمرو بن العلاء : أن العرب تقوله ولا يجوز أن تقول : ربّ رجل أفضل منك ولا يجوز أن تجعله خبرا لرب كما جعلته خبرا (لكم) ومما يتبين أن ربّ حرف وليست باسم (ككم).
أن (كم) يدخل عليها حرف الجر ولا يدخل على ربّ تقول : بكم رحل مررت وإنك تولي (كم) الأفعال ولا توليها ربّ.
قال أبو العباس : ربّ تنبىء عما وقعت عليه أنه قد كان وليس بكثير.
فلذلك لا تقع إلا على نكرة ولأن ما بعدها يخرج مخرج التمييز تقول : رب رجل قد جاءني فأكرمته ورب دار قد أبتنيتها وأنفقت عليها وقال في موضع آخر : رب معناها الشيء يقع قليلا ولا يكون ذلك الشيء إلا منكورا ؛ لأنه واحد يدل على أكثر منه ولا تكون رب إلا في أول الكلام لدخول هذا المعنى فيها.
وقال أبو بكر : والنحويون كالمجتمعين على أن ربّ جواب إنما تقول : ربّ رجل عالم لمن قال : رأيت رجلا عالما أو قدرت ذلك فيه فتقول : ربّ رجل عالم تريد : ربّ رجل عالم قد رأيت فضارعت أيضا حرف النفي إذا كان حرف النفي يليه الواحد المنكور وهو يراد به الجماعة.
فهذا أيضا مما جعلت له صدرا.