قال سيبويه : إنما أراد : أقلّ به الركب تئية منهم ولكنه حذف ذلك استخافا كما تقول : أنت أفضل ولا تقول من أحد وتقول : الله أكبر ومعناه : أكبر من كلّ كبير وكلّ شيء.
وكما تقول : لا مال ولا تقول لك.
واعلم أن ما جرى نعتا على النكرة فإنه منصوب في المعرفة على الحال ، وذلك قولك :مررت بزيد حسنا أبوه ومررت بعبد الله ملازمك وما كان في النكرة رفعا غير صفة فهو في المعرفة رفع فمن ذلك قوله عز وجل : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) [الجاثية : ٢١] لأنك تقول : مررت
__________________
وقوله : وهو بمعنى المفعول يعني أن أخوف في البيت مأخوذ من الفعل المبني للمجهول ، أي : أشد مخوفية ، كما أخذ أشهر وأحمد من المبني للمجهول ، أي : أشد مشهورية ومحمودية.
وقوله : وهو منصوب على التمييز من أقل ، هذا هو الظاهر وعليه اقتصر شارح اللباب ، قال : التئية : التوقف والتثبت. وتئية تمييز ، من قوله : أقل ، أي : أقل توقفا. فأقل : أفعل من القلة منصوب لأنه صفة لمفعول أرى.
وقال الجاربردي : تئية إما مصدر على أصله ، لأن الإتيان قد يكون تئية ، أي : بتوقف ، وقد يكون بغيره. وإما مصدر في تأويل المشتق ، أي : متوقفين ، فيكون حالا. وأخوف عطف على أقل أو على تئية إن جعلت حالا.
وإلا ما وقى الله : استثناء مفرغ ، أي : في كل وقت إلا وقت وقاية الله الساري. انتهى.
ومحصل المعنى أن ثبوت الركب في وادي السباع أقل من ثبوته في غيره.
والشعر لسحيم بن وثيل ، وهو شاعر عصري الفرزدق ، وقد تقدمت ترجمته في الشاهد الثامن والثلاثين.
وادي السباع : اسم موضع بطريق البصرة. قال أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم : وادي السباع جمع سبع ، بالبصرة معروف ، وهو الذي قتل فيه الزبير بن العوام ، سمي بذلك لأن أسماء بنت عمران بن الحاف بن قضاعة.
وقال الكلبي : هي أسماء بنت دريم ، بن القين بن أهود بن بهراء كانت تنزله. ويقال ، لها أم الأسبع ، لأن ولدها أسد ، وكلب ، والذئب ، والدب ، والفهد ، والسرحان. وأقبل وائل بن قاسط ، فلما نظر إليها رآها امرأة ذات جمال ، فطمع فيها ، ففطنت له ، فقالت : لو هممت بي لأتاك أسبعي! فقال : ما أرى حولك أسبعا. فدعت بنيها فأتوا بالسيوف من كل ناحية. فقال : والله ما هذا إلا وادي السباع : فسمي به. انتهى. انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٠٧.