__________________
(١) على أنه يجوز قطع نعت المعرفة بالواو ، كما يجوز قطع نعت النكرة بها. فقولها : والطيبون نعت مقطوع بالواو من قومي للمدح والتعظيم ، بجعله خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم الطيبون.
وإنما حكم بالقطع مع أنه مرفوع كالمنعوت وهو قومي ، لقطع النازلين قبله ، لما ذكرنا أيضا ، بجعله منصوبا بفعل محذوف تقديره أعني ، أو أمدح ونحوهما. والعرب إذا رجعت عن شيء لم تعد إليه.
وقال ابن السكيت في أبيات المعاني : قال ابن الأعرابي : النازلين تابع لقومي على المعنى ، لأن معناه النصب ، كأنه قال : لا يبعد الله قومي.
قال سيبويه : في باب ما ينتصب على التعظيم والمدح : وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول ، وإن شئت قطعته فابتدأته ، وذلك قول الله عز وجل : "لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ". فلو كان كله رفعا كان جيدا. فأما المؤتون فمحمول على الابتداء.
وقال تعالى : "وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ" إلى قوله : "وَحِينَ الْبَأْسِ" فلو رفع الصابرين على أول الكلام كان جيدا ، ولو ابتدأ فرفعه على الابتداء كان جيدا كما ابتدأت : "وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ".
ونظير هذا من الشعر قول الخرنق :
لا يبعدن قومي الذي هم ... البيتين.
فرفع الطيبين كرفع المؤتين. ومثل هذا في الابتداء قول ابن حماط العكلي : البسيط
وكلّ قوم أطاعوا أمر مرشدهم |
|
إلّا نميرا أطاعت أمر غاويها |
الظّاعنين ولمّا يظعنوا أحدا |
|
والقائلون لمن دار نخلّيها |
وزعم يونس أن من العرب من يقول : النازلون بكل معترك والطيبين. ومن العرب من يقول : الظاعنون والقائلين ، فنصبه كنصب الطيبن ، إلا أن هذا شتم لهم وذم ، كما أن الطيبين مدح لهم وتعظيم.
وإن شئت أجريت هذا كله على الاسم الأول ، وإن شئت ابتدأته جميعا ، فكان مرفوعا على الابتداء. كل هذا جائز في هذين البيتين وما أشبههما. انتهى كلام سيبويه.
وقال الزجاج : اختلف الناس في إعراب المقيمين فقال بعضهم : هو نسق على ما ، المعنى : يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة ، أي : يؤمنون بالنبيين المقيمين الصلاة.
وقال بعضهم : نسق على الهاء والميم ، المعنى : لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة يؤمنون بما أنزل إليك. وهذا عند النحويين رديء ، لا ينسق بالظاهر على المضمر إلا في شعر :