وقال رجل من خثعم أو بجيلة :
ذريني إنّ أمرك لن يطاعا |
|
وما ألفيتني حلمي مضاعا (١) |
وتقول : جعلت متاعك بعضه فوق بعض كما قلت : رأيت متاعك بعضه فوق بعض وأنت تريد رؤية العين وتنصب (فوق) بأنه وقع موقع الحال فالتأويل : جعلت ورأيت متاعك
__________________
ـ وقوله : كرها مفعول مطلق ، أي : تؤخذ أخذا كرها. ويجوز أن يكون حالا بتأويله باسم الفاعل. وهو المناسب لقوله : طائعا ، فإنه حال.
وهذا البيت قلما خلا عنه كتاب نحوي ، ومع شهرته لا يعلم قائله ، وهو من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف قائلها. والله أعلم.
وأنشد بعده ، الشاهد الثالث والسبعون بعد الثلاثمائة وهو من أبيات س : الطويل
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت |
على أنه يروى رجل بالجر على أنه بدل مع أخرى مفصل من رجلين. ويروى بالرفع على أنه بدل مقطوع.
أنشده سيبويه في باب مجرى النعت على المنعوت والبدل على المبدل منه ، قال : ومثل ما يجيء في هذا الباب على الابتداء وعلى الصفة والبدل ، قوله جل وعز : "قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ". ومن الناس من يجر ، والجر على وجهين : على الصفة وعلى البدل. انظر خزانة الأدب ٢ / ١٨١.
(١) على أن قوله حلمي بدل اشتمال من الياء في : ألفيتني.
قال ابن جني في إعراب الحماسة : إنما يجوز البدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب إذا كان بدل البعض أو بدل الاشتمال ، نحو قولك : عجبت منك عقلك ، وضربتك رأسك. ومن أبيات الكتاب :
ذريني إنّ أمرك لن يطاعا ... البيت
فحلمي : بدل من ني. ولو قلت : قمت زيد ، أو مررت بي جعفر ، أو كلمتك أبو عبد الله على البدل لم يجز ، من حيث كان ضمير المتكلم والمخاطب غاية في الاختصاص ، فبطل البدل ، لأن فيه ضربا من البيان ، وقد استغنى المضمر بتعرفه. انتهى.
وكذلك الفراء في تفسيره عند قوله تعالى : "مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ". الحلم : منصوب بالإلفاء على التكرير ، يعني البدل ، ولو رفعه كان صوابا. وأورده أيضا عند قوله تعالى : "وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ". انظر خزانة الأدب ٢ / ١٧٥.