بعضه مستقرا فوق بعض أو راكبا فوق بعض أو مطروحا فوق بعض أو ما أشبه هذا المعنى (ففوق) ظرف نصبه الحال وقام مقام الحال كما يقوم مقام الخبر في قولك : زيد فوق الحائط إذا قلت : رأيت زيدا في الدار فقولك (في الدار) يجوز أن يكون ظرفا لرأيت ويجوز أن يكون ظرفا لزيد كما تقول : رميت من الأرض زيدا على الحائط فقولك : على الحائط ظرف يعمل فيه استقرار زيد كأنك قلت : رميت من الأرض زيدا مستقرا على الحائط ونحو هذا ما جاء في الخبر كتب عمر إلى أبي عبيدة بالشام : الغوث الغوث وأبو عبيدة وعمر رحمه الله كتب إليه من الحجاز فالكتاب لم يكن بالشام ولك أن تعدى (جعلت) إلى مفعولين فتقول : جعلت متاعك بعضه فوق بعض فتجعل (فوق بعض) مفعولا ثانيا كما يكون في (ظننت) متاعك بعضه فوق بعض (فجعلت) هذه إذا كانت بمعنى (علمت) تعدت إلى واحد مثل رأيت إذا كانت من رؤية العين ، وإذا كانت جعلت ليست بمعنى علمت وإنما تكلم بها عن توهم أو رأي أو قول كقول القائل : جعلت حسني قبيحا وجعلت البصرة بغداد وجعلت الحلال حراما فإذا لم ترد فجعلت العلاج والعمل في التعدي بمنزلة (رأيت) إذا أردت بها رؤية القلب ولم ترد رؤية العين ولك أن تعدي (جعلت) إلى مفعولين على ضرب آخر على أن تجعل المفعول الأول فاعلا في الثاني كما تقول : أضربت زيدا عمرا تريد أنك جعلت زيدا يضرب عمرا فيكون حينئذ قولك : فوق بعض مفعول مفعول وموضعه نصب تعدى إليه الفعل بحرف جرّ لأنك إذا قلت : مررت بزيد فموضع هذا نصب وهذا نحو : صكّ الحجران أحدهما بالآخر فإذا جعلت أنت أحدهما يفعل بالآخر قلت : صككت الحجرين أحدهما بالآخر ولم يكن بد من الباء ؛ لأن الفعل متعدّ إلى مفعول واحد فلما جعلت المفعول في المعنى فاعلا احتجت إلى مفعول فلم يتصل الكلام إلا بحرف جرّ وقد بينت ذا فيما تقدم وأوضحته فهذه ثلاثة أوجه في نصب (جعلت) متاعك بعضه على بعض وهي النصب على الحال والنصب على أنه مفعول ثان والنصب على أنه مفعول مفعول فافهمه فإنه مشكل في كتبهم ويجوز الرفع فتقول : جعلت متاعك بعضه على بعض وتقول : أبكيت قومك بعضهم على بعض فهذا كان أصله بكى قومك بعضهم على بعض فلما نقلته إلى (أبكيت) جعلت الفاعل مفعولا وهو في المعنى فاعل