باب العطف على عاملين
اعلم أن العطف على عاملين لا يجوز من قبل أن حرف العطف إنما وضع لينوب عن العامل ويغني عن إعادته ، فإن قلت : قام زيد وعمرو فالواو أغنت عن إعادة (قام) فقد صارت ترفع كما يرفع قام وكذلك إذا عطفت بها على منصوب نحو قولك : إن زيدا منطلق وعمرا فالواو نصبت كما نصبت (إنّ) وكذلك في الخفض إذا قلت : مررت بزيد وعمرو فالواو جرت كما جرت الباء فلو عطفت على عاملين أحدهما يرفع والآخر ينصب لكنت قد أحلت لأنها كان تكون رافعة ناصبة في حال قد أجمعوا على أنه لا يجوز أن تقول : مرّ زيد بعمرو وبكر خالد فتعطف على الفعل والباء ولو جاز العطف على عاملين لجاز هذا واختلفوا إذا جعلوا المخفوض يلي الواو فأجاز الأخفش ومن ذهب مذهبه : مرّ زيد بعمرو وخالد بكر واحتجوا بأشياء منها قول الشاعر :
هوّن عليك ، فإن الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها (١) |
فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها |
__________________
(١) قال البغدادي : وثانيهما : لجماعة من البصريين ، وهو ابن الطراوة ، وابن طاهر ، وابن خروف ، وأبو علي الرندي ، وأبو الحجاج بن معزوز ، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه. زعموا أن على اسم دائما ، ولا تكون حرفا.
وزاد الأخفش على سيبويه موضعا آخر من اسميتها ، وذلك : إذا كان مجرورها ، وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد ، ومنه قوله تعالى : "أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ" ، وقول الشاعر :
هون عليك فإن الأمور |
|
بكف الإله مقاديرها |
لأنه لا يتعدى فعل الضمير المتصل إلى ضميره المتصل في غير باب ظن ، وفقد ، وعدم.
قال أبو حيان : ولا بدل على اسميتها ما ذكره الأخفش ؛ فقد جاء : " وهزي إليك" ، و" اضمم إليك جناحك" ولا نعلم أحدا ذهب إلى أن إلى اسم.
وقال ابن هشام : وفيما قاله الأخفش نظر ، لأنها لو كانت اسما في هذه المواضع ، لصح حلول فوق محلها ، ولأنها لو لزمت اسميتها لما ذكر ، لزم الحكم باسمية إلى في نحو : " فصرهن إليك" وهذا كله يتخرج ، إما على التعليق بمحذوف كما قيل : في سقيا لك ، وإما على حذف مضاف ، أي : هون على نفسك ، واضمم إلى نفسك.
انظر خزانة الأدب ٣ / ٤٩٢.