شرح الحرف
الحرف (١) : ما لا يجوز أن يخبر عنه كما يخبر عن الاسم ألا ترى أنك لا نقول : إلى منطلق كما تقول : (الرجل منطلق) ولا عن ذاهب كما تقول : (زيد ذاهب) ولا يجوز أن يكون خبرا لا تقول : (عمرو إلى) و (لا بكر عن) فقد بان أن الحرف من الكلم الثلاثة هو الذي لا يجوز أن تخبر عنه ولا يكون خبرا.
والحرف لا يأتلف منه مع الحرف كلام لو قلت : (أمن) تريد ألف الاستفهام (ومن) التي يجر بها لم يكن كلاما وكذلك لو قلت : ثم قد تريد (ثم) التي للعطف وقد التي تدخل على الفعل لم يكن كلاما ولا يأتلف من الحرف مع الفعل كلام لو قلت : أيقوم ولم تجد ذكر أحد ولم يعلم المخاطب أنك تشير إلى إنسان لم يكن كلاما ولا يأتلف أيضا منه مع الاسم كلام لو قلت : (أزيد) كان كلاما غير تام فأما (يا زيد) وجميع حروف النداء فتبين استغناء المنادي بحرف النداء وما يقوله النحويون : من أن ثم فعلا يراد تراه في باب النداء إن شاء الله.
والذي يأتلف منه الكلام (٢) الثلاثة الاسم والفعل والحرف فالاسم قد يأتلف مع الاسم نحو قولك : (الله إلهنا) ويأتلف الاسم والفعل نحو : قام عمرو ولا يأتلف الفعل مع الفعل والحرف لا يأتلف مع الحرف فقد بان فروق ما بينهما.
__________________
(١) الحرف في الاصطلاح ما دلّ على معنى في غيره وفي اللغة طرف الشيء كحرف الجبل وفي التنزيل (ومن النّاس من يعبد الله على حرف) الآية أي على طرف وجانب من الدين أي لا يدخل فيه على ثبات وتمكن فهو إن أصابه خير من صحّة وكثرة مال ونحوهما اطمأنّ به ، وإن أصابته فتنة أي شرّ من مرض أو فقر أو نحوهما انقلب على وجهه عنه. انظر شرح شذور الذهب ١ / ١٨.
(٢) أقلّ ما يتألّف الكلام من اسمين نحو" العلم نور" أو من فعل واسم نحو : " ظهر الحقّ" ومنه" استقم" فإنّه مركّب من فعل الأمر المنطوق به ، ومن الفاعل الضّمير المخاطب المقدّر بأنت ، ويقول سيبويه في استقامة الكلام وإحالته : ف منه مستقيم حسن ، ومحال ، ومستقيم ك ذب ، ومستقيم قبيح ، وما هو محال كذب.
فأمّا المستقيم الحسن فقولك : " أتيتك أمس ، وسآتيك غدا". وأمّا المحال ، فأن تنقض أوّل كلامك بآخره فتقول : " أتيتك غدا وسآتيك أمس". ـ ـ وأمّا المستقيم الكذب فقولك : " حملت الجبل" و" شربت ماء البحر" ونحوه. وأمّا المستقيم القبيح فأن تضع اللّفظ في غير موضعه نحو قولك : " قد زيدا رأيت" و" كي زيدا يأتيك" وأشباه هذا.
وأمّا المحال الكذب فأن تقول : " سوف أشرب ماء البحر أمس". انظر معجم القواعد العربية ٣ / ٢٥.