باب الأسماء المبنية المفردة التي سمي بها الفعل
وذلك قولهم : (صه ومه ورويد وإيه) وما جاء على فعال نحو : (حذار ونزال وشتان).
فمعنى صه : اسكت. ومعنى مه : أكفف. فهذان حرفان مبنيان على السكون سمى الفعل بهما فأما رويد : فمعناه : المهلة وهو مبني على الفتح ولم يسكن آخره ؛ لأن قبله ساكنا فاختير له الفتح للياء قبله تقول : رويد زيدا فتعديه فأما قولك : رويدك زيدا ، فإن الكاف زائدة للمخاطبة وليست باسم وإنما هي بمنزلة قولك : التجاءك يا فتى وأرأيتك زيدا ما فعل ويدلك على أن الكاف ليست باسم في التجاءك دخول الألف واللام والألف واللام والإضافة لا يجتمعان وكذلك الكاف في : أرأيتك زيدا زائدة للخطاب وتأكيده ألا ترى أن الفعل إنما عمل في زيد ، فإن قلت : إرودّ كان المصدر إروادا وتصرف جميع المصادر ، فإن حذفت الزوائد على هذه الشريطة صرفت : رويد فقلت : رويدا يا فتى ، وإن نعت به قلت : ضعه وضعا رويدا وتضيفه ؛ لأنه كسائر المصادر تقول : رويد زيد كما قال الله عز وجل : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) [محمد : ٤] ورويدا زيدا كما تقول ضربا زيدا في الأمر فأما إيه وآه فمعنى إيه الأمر بأن : يزيدك من الحديث المعهود بينكما فإذا نونت قلت : إيه والتنوين للتنكير كأنك قلت : هات حديثا وذاك كأنه قال : هات الحديث قال ذو الرمة :
وقفنا فقلنا إيه عن أمّ سالم |
|
وما بال تكليم الدّيار البلاقع (١) |
__________________
(١) ابن السكيت والجوهري ، قالا : إنما جاء ذو الرمة هنا ب إيه غير منون ، مع أنه موصول بما بعده ، لأنه نوى الوقف. هذا الكلام نقله الجوهري عن ابن السكيت ، ثم نقل عن ابن السري الزجاج أنه قال : إذا قلت : إيه يا رجل ، فإنما تأمره بأن يزيدك من الحديث المعهود بينكما ، كأنك قلت : هات الحديث. فإن قلت : إيه بالتنوين فكأنك قلت : هات حديثا ما ؛ لأن التنوين تنكير. وذو الرمة أراد التنوين فتركه للضرورة. انتهى.
وإنما كان ترك التنوين ضرورة لأنه أراد من الطلل أن يخبره عنها أي حديث كان ، وليس فيه ما يقتضي أن يحدثه حديثا معهودا. كذا قيل ، وفيه أنه إنما طلب حديثا مخصوصا ، وهو الحديث عن أم سالم. وبه يسقط قول ثعلب في أماليه : تقول العرب : إيه بالتنوين بمعنى حدثنا. وأما قول ذي الرمة فإنه ترك التنوين وبنى على الوقف ، ومعناه إيه ، أي : حدثنا. قال ابن جني في سر الصناعة : تنوين التنكير لا يوجد في معرفة ، ولا إلا تابعا لحركات