زيد وعمرو جدا وهو مأخوذ من شتّ والتشتت التبعيد ما بين الشيئين أو الأشياء فتقدير : شتان زيد وعمرو تباعد زيد وعمرو ولأنه اسم لفعل ما تم به كلام قال الشاعر :
شتّان هذا والعناق والنّوم |
|
والمشرب البارد في ظلّ الدّوم (١) |
فجميع هذه الأسماء التي سمي بها الفعل إنما أريد بها المبالغة ولو لا ذلك لكانت الأفعال قد كفت عنها.
__________________
(١) وهذا مما يرد على الأصمعي ، ويؤيد قول غيره أن شتان لا يكتفي بواحد ، لأنه وضع لاثنين فصاعدا.
وقد أجاز ثعلب ما منعه الأصمعي ، قال في فصيحه : وتقول : شتان زيد وعمرو ، وشتان ما هما ، نون شتان مفتوحة. إن شئت قلت شتان ما بينهما. والفراء يخفض نون شتان. انتهى. ومحصل الكلام فيها أن شتان يكون مرفوعها شيئين اتفاقا ، وأكثر عند غير الأصمعي ، ويكون معهما ما الزائدة وبدونها. والصحيح جواز شتان ما بينهما ، خلافا للأصمعي. ولم يتعرض ابن السراج في الأصول لهذا. قال : قولك شتان زيد وعمرو ، معناه بعد ما بين زيد وعمرو جدا. وهو مأخوذ من شت. والتشتيت : التبعيد ما بين الشيئين أو الأشياء ، فتقديره تباعد زيد وعمرو. انتهى. وهي عند الشارح قسمان : أحدهما : ما ذكر من أنه لا بد لها من مرفوعين فصاعدا. والثاني : جواز الاكتفاء بمرفوع واحد. وهو في شتان ما بينهما لكونهما بمعنى واحد. وبقي استعمالها مع ما الموصولة بفعل ، ولم يذكروه. وهو ما أورده الفراء في الشعر المذكور ، وهو لشتان ما أنوي. وينبغي أن تقدر ما الموصولة في الفعل الثاني ، ليكون مرفوعها شيئين. وهي اسم فعل على الصحيح. قال ابن عصفور في شرح الإيضاح :وهو ساكن في الأصل ، إلا أنه حرك لالتقاء الساكنين ، وكانت الحركة فتحة إتباعا لما قبلها وطلبا للخفة ، ولأنه واقع موضوع الماضي مبنيّ على الفتح ، فجعلت حركته كحركته. وزعم المرزوقي والهروي في شرح الفصيح أنها مصدر. قال الأول : شتان مصدر لم يستعمل فعله. وهو مبنيّ على الفتح ، لأنه موضع فعل ماض ، وزيد :فاعل له. وقال الثاني : معنى شتان البعد المفرط بين الشيئين ، وهو اسم وضع موضع الفعل الماضي ، تقديره :شت زيد وعمرو ، أي : تشتتا وتفرقا جدا. وسبقهما الزجاج كما نقل الشارح المحقق. قال ابن عصفور : وزعم الزجاج أنه مصدر واقع موقع الفعل جاء على فعلان فخالف أخواته ، فبني لذلك ، فإن قيل : لنا فعلان في المصادر ، قالوا : لوى يلوي ليانا ، وشنئته شنآنا. وأن لو وضعت ليانا وشنآنا موضع الفعل ، لبقيا على إعرابهما ولم يبنيا. فالجواب : أنهما مصدران قد استعملا بعد فعلهما وتمكنا ، فإذا وقعا موقع فعلهما بقيا على إعرابهما ، وليس كذلك شتان ؛ لأنك لا تقول شت يشت شتاتا ، وإنما استعمل في أول أحواله موضوعا موضع الفعل المبني ، فبني لذلك. انتهى. قال ناظر الجيش في شرح التسهيل : مقتضى هذا الجواب أن تبنى المصادر الملتزم إضمار ناصبها ، كسبحان الله ومعاذ الله. انتهى. انظر خزانة الأدب ٢ / ٣٦٠.