باب الاسم الذي قام مقام الحرف
وذلك : (كم ، ومن ، وما ، وكيف ، ومتى ، وأين).
فأما (كم) فبنيت لأنها وقعت موقع حرف الاستفهام وهو الألف وأصل الاستفهام بحروف المعاني لأنها آلة إذا دخلت في الكلام أعلمت أن الخبر استخبار : و (كم) اسم لعدد مبهم.
فقالوا : كم مالك فأوقعوا (كم) موقف الألف لما في ذلك من الحكمة والإختصار إذ كان قد أغناهم عن أن يقولوا أعشرون مالك أثلاثون مالك أخمسون والعدد بلا نهاية فأتوا باسم ينتظم العدد كلّه.
وأما (من) فجعلون سؤالا عن من يعقل نحو قولك : من هذا ومن عمرو فاستغني بمن عن قولك : أزيد هذا أعمرو هذا أبكر هذا والأسماء لا تحصى فانتظم بمن جميع ذلك ووقعت أيضا موقع حرف الجزاء وهو (إن) في قولك : من يأتني آته.
وأما (ما) فيسأل بها عن الأجناس والنعوت تقول : ما هذا الشيء فيقال : إنسان أو حمار أو ذهب أو فضّة ففيها من الإختصار مثل ما كان في (من) وتسأل بها عن الصفات فتقول : ما زيد فيقال : الطويل والقصير وما أشبه ذلك ولا يكون جوابها زيد ولا عمرو ، فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على من يعقل.
ومن كلام العرب : سبحان ما سبح الرعد بحمده وسبحان ما سخركن لنا وقال الله عز وجل : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس : ٥] فقال قوم : معناه : ومن بناها وقال آخرون : إنما والسماء وبنائها كما تقول : بلغني ما صنعت : أي صنيعك ؛ لأن (ما) إذا وصلت بالفعل كانت بمعنى المصدر.
وأما (كيف) فسؤال عن حال ينتظم جميع الأحوال يقال : كيف أنت فتقول : صالح وصحيح وآكل وشارب ونائم وجالس وقاعد والأحوال أكثر من أن يحاط بها فإذا قلت :(كيف) فقد أغنى عن ذكر ذلك كله وهي مبنية على الفتح ؛ لأن قبل الياء فاء فاستثقلوا الكسر