شرح الثاني وهو خبر المبتدأ
الاسم الذي هو خبر المبتدأ هو الذي يستفيده السامع ويصير به المبتدأ كلاما وبالخبر يقع التصديق والتكذيب (١) ألا ترى أنك إذا قلت : عبد الله جالس فإنما الصدق والكذب وقع في جلوس عبد الله لا في عبد الله ؛ لأن الفائدة هي في جلوس عبد الله وإنما ذكرت عبد الله لتسند إليه (جالسا) فإذا كان خبر المبتدأ اسما مفردا فهو رفع نحو قولك : عبد الله أخوك وزيد قائم وخبر المبتدأ ينقسم على قسمين : إما أن يكون هو الأول في المعنى غير ظاهر فيه ضميره نحو : زيد أخوك وعبد الله منطلق فالخبر هو الأول في المعنى إلا أنه لو قيل لك من أخوك هذا الذي ذكرته لقلت : زيد أو قيل لك : من المنطلق لقلت : عبد الله أو يكن غير الأول ويظهر فيه ضميره نحو قولك : عمرو ضربته وزيد رأيت أباه ، فإن لم يكن على أحد هذين فالكلام محال.
وخبر المبتدأ الذي هو الأول في المعنى على ضربين فضرب يظهر فيه الاسم الذي هو الخبر نحو ما ذكرنا من قولك : زيد أخوك ، وزيد قائم وضرب يحذف منه الخبر ويقوم مقامه ظرف له ، وذلك الظرف على ضربين : إما أن يكون من ظروف المكان وإما أن يكون من ظروف الزمان.
أما الظروف في المكان فنحو قولك : زيد خلفك وعمرو في الدار.
والمحذوف معنى الاستقرار والحلول وما أشبههما كأنك قلت : زيد مستقر خلفك وعمرو مستقر في الدار ولكن هذا المحذوف لا يظهر لدلالة الظرف عليه واستغنائهم به في الاستعمال.
وأما الظرف من الزمان فنحو قولك : القتال يوم الجمعة والشخوص يوم الخميس كأنك قلت : القتال مستقر يوم الجمعة أو وقع في يوم الجمعة والشخوص واقع في يوم الخميس فتحذف الخبر وتقيم الظرف مقام المحذوف ، فإن لم ترد هذا المعنى فالكلام محال ؛ لأن زيدا
__________________
(١) والمعنى أن الخبر يتضمن الحكم بأمر من الأمور لا يمكن أن تستغنى الجملة عنه فى إتمام معناها الأساسى. انظر النحو الوافي ١ / ٢٩١.