المبحث الأول : في حد اللغة وتعريفها :
قال أبو الفتح ابن جني في" الخصائص" : حدّ اللغة أصوات يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم.
ثم قال : وأما تصريفها فهي (فعلة) من لغوت ، أي : تكلّمت ، وأصلها لغوة ككرة وقلة وثبة كلّها لاماتها واوات ، لقولهم : كروت بالكرة ، وقلوت بالقلة ، ولأن ثبة كأنها من مقلوب ثاب يثوب.
وقالوا : فيها لغات ولغون كثبات وثبون.
وقيل منها لغي يلغى إذا هذى ، قال : [الرجز]
وربّ أسراب حجيج كظّم |
|
عن اللّغا ورفث التّكلّم |
وكذلك اللّغو قال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان : ٧٢] أي : بالباطل.
وفي الحديث : " من قال في الجمعة صه فقد لغا" (١) أي : تكلّم. انتهى كلام ابن جني.
وقال إمام الحرمين في" البرهان" : اللغة من لغي يلغى من باب رضي إذا لهج بالكلام ، وقيل : من لغى يلغى.
وقال ابن الحاجب في" مختصره" : حدّ اللغة كلّ لفظ وضع لمعنى.
وقال الأسنوي في" شرح منهاج الأصول" : اللغات : عبارة عن الألفاظ الموضوعة للمعاني
المبحث الثاني : في بيان واضع اللغة أتوقيف هي ووحي أم اصطلاح وتواطؤ :قال الإمام السيوطي في" المزهر" : قال أبو الحسين أحمد بن فارس في" فقه اللغة" : اعلم أنّ لغة العرب توقيف ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) [البقرة : ٣٢].
فكان ابن عباس يقول : علّمه الأسماء كلها ، وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس من دابّة وأرض وسهل وجبل وجمل وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
__________________
(١) أخرجه أبو داود من حديث الإمام على بن أبي طالب (١٠٥١) ، وأخرجه أحمد في مسنده (٧٢١) ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج ٣ / ٢٢٠.