ذكر الإخبار عن (الذي)
اعلم أنّ (الذي) إذا تمت بصلتها كان حكمها حكم سائر الأسماء التامة فجاز أن تقع فاعلة ومفعولة ومجرورة ومبتدأة وخبرا لمبتدأ فتقول : (قام الذي في الدار ورأيت الذي في الدار ومررت بالذي في الدار وزيد الذي في الدار) فيكون خبرا والذي في الدار زيد فتكون (الذي) مبتدأة وزيد خبر المبتدأ ، وإذا جعلت مبتدأة فحينئذ تكثر المسائل وهو الباب الذي أفرده النحويون وجعلوه كحدّ من الحدود فيقولون إذا قلت : (قام زيد) كيف تخبر عن زيد بالذي وبالألف واللام فيكون الجواب : (الذي قام زيد والقائم زيد) فتكون الذي مبتدأ وقام صلته وفيه ضمير يرجع إليه وبه تمّ.
وهو في المعنى : (زيد) ؛ لأن الضمير هو الذي والذي هو زيد فهو في المعنى : الفاعل كما كان حين قلت : (قام زيد) وكذلك إذا دخلت الألف واللام بدلا من الذي قلت : (القائم زيد) فالألف واللام قد قامتا مقام الذي و (قائم) قد حلّ مقام (قام) وفي (قائم) ضمير يرجع إلى الألف واللام والألف واللام هما زيد إلا أنك أعربت (القائم) بتمامه بالإعراب الذي يجب (للذي) وحدها إذ لم يكن سبيل إلى غير ذلك وكل اسم قيل لك أخبر عنه فحقه أن تنتزعه من الكلام الذي كان فيه وتضع موضعه ضميرا يقوم مقامه ويكون ذلك الضمير راجعا إلى الذي أو الألف واللام وإنما كان كذلك ؛ لأن كل مبتدأ فخبره إذا كان اسما مفردا في المعنى هو هو فإذا ابتدأت (بالذي) وجعلت اسما من الأسماء خبره فالخبر هو (الذي) والذي هو الخبر وهذا شرط المبتدأ والخبر وإنما الأخبار عن (الذي والألف واللام) ضرب من المبتدأ والخبر وقد كنت عرفتك أن الصلة كالصفة للنكرة فإذا أشكل عليك شيء من ذلك فاجعل الصلة صفة ليبين لك إن قال قائل إذا قلت : (ضربت زيدا) كيف تخبر عن زيد قلت : (الذي ضربته زيد) فجعلت موضع (زيد) الهاء وهي مفعولة كما كان (زيد وهو) (الذي والذي هو زيد) ، فإن جعلته صفة قلت : (رجل ضربته زيد) إلا أنّ حذف الهاء في صلة (الذي) حسن لأنهم استثقلوا اجتماع ثلاثة أشياء في الصلة (فعل وفاعل ومفعول) فصرن مع (الذي) أربعة أشياء