ذكر المحذوفات التي قاس عليها النحويون
وذلك قولك : (ضربت وضربني زيد) وضربني وضربت زيدا قال الأخفش : إذا قلت :(ضربت وضربني زيد) فأدخلت عليه الألف واللام وجعلت (زيدا) خبرا قلت : (الضاربه أنا والضاربي زيد) لا يحسن غير ذلك لأنك حين طرحت المفعول في (ضربت وضربني) لم تزد على ذلك وأنت لو طرحت (الهاء) من قولك (الضاربه أنا والضاربي زيد) كنت قد طرحت المفعول به كما طرحته في (ضربت) وطرحت الشيء الذي تصحّ به الصلة ؛ لأن كلّ شيء من صلة (الذي) لا يرجع فيه ذكر (الذي) فليس هو بكلام قال : إلا أنّ بعض النحويين قد أجاز هذا وهو عندي غير جائز لطول الاسم ؛ لأنه صير (الضارب أنا والضاربي) كالشيء الواحد ، وإذا جعلت (أنا) هو الخبر يعني إذا أخبرت عن (التاء) كان حذف (الهاء) أمثل من هذا ، وذلك أنك إذا قلت : (الضارب والضاربه زيد أنا) إنما أوقعت من (الضارب) المفعول به ولم توقع ذكر (الذي) فلم تزد على مثل ما صنعت في (ضربت وضربني زيد) لأنك إنما ألغيت ثم المفعول وألغيته هاهنا أيضا ، وإن كان في قولك : (الضارب والضاربه زيد أنا) أقبح منه في (ضربت وضربني زيد) ؛ لأن هذا مما يخل بصلة الاسم أن يحذف منه المفعول به حتى يصير الاسم كأنه لم يتعد.
قال المازني : إذا أردت الإخبار عن زيد ، فإن ناسا من النحويين يقولون : (الضارب أنا والضاربي زيد) قال : وما أرى ما قالوا إلا محالا إن كنت لم تنو أن يكون في (الضارب) مفعول محذوف ، فإن كنت أردت أن يكون محذوفا فإثباته أجود قال : وإن قلت : إني إنما أحذفه كما أحذفه في الفعل ، فإن ذلك غير جائز لأنك حين حذفته في الفعل لم تضمر وأنت هاهنا تحذفه مضمرا فحذفهما مختلف فلذلك لم يكن مثله في الفعل قال : والقياس عندي أن أقول :(الضارب أنا والضاربي زيد) فأجعل (الضارب) مبتدأ وأجعل (أنا) خبره فأجعل (الضاربي) مبتدأ وأجعل زيدا خبره وأجعله تفسيرا لما وقع عليه (ضربت) كما كان تفسيرا له مع الفعل وأجعل الضارب الأول غير متعدّ كما كان الفعل الذي بنيته منه غير متعدّ وأجعل (أنا) خبرا