باب ما يسكن استخفافا في الاسم والفعل
وذلك قولهم في فخذ : فخذ وفي كبد : كبد وعضد : عضد وكرم كرم وعلم علم إنّما يفعلون هذا بما كان مكسورا أو مضموما وهي لغة بكر بن وائل وأناس من تميم وقالوا : في مثل : لم يحرم من فصد له أي : فصد له بعير يعني : فصد البعير للضيف وقالوا في عصر عصر ، وإذا تتابعت الضمتان أيضا خففوا يقولون في الرّسل : رسل وعنق عنق وكذلك الكسرتان وقالوا في إبل : إبل ولا يسكنون ما توالت فيه الفتحتان نحو : جمل وما أشبه الأول وليس على ثلاثة أحرف قولهم : أراك منتفخا يريد : منتفخا وانطلق يا هذا بفتح القاف لئلا يلتقي ساكنان وأنشد :
ألا ربّ مولود وليس له أب |
|
وذي ولد لم يلده أبوان (١) |
أراد لم يلده.
__________________
(١) على أن سيبويه استشهد به في ترخيم أسحار في أنك تحركه بأقرب الحركات إليه ، وكذا تقول : انطلق إليه ، في الأمر : تسكن اللام فتبقى ساكنة والقاف ساكنة ، فتحرك القاف بأقرب الحركات إليها وهي حركة الطاء.
قال أبو جعفر النحاس : " فإن قيل : فقد جئت بحركة موضع حركة ، فما الفائدة في ذلك؟ فالجواب : أن الحركة المحذوفة كسرة" انتهى.
أي : فالفتحة أخف منها. فأصل" يلده بكسر اللام وسكون الدال للجزم ، فسكن المكسور تخفيفا ، فحركت الدال دفعا لالتقاء الساكنين بحركة ، وهي أقرب الحركات إليها ، وهي الفتحة ؛ لأن الساكن غير حاجز حصين. قال المبرد في" الكامل" : كل مكسور أو مضموم ، إذا لم يكن من حركات الإعراب ، يجوز فيه التسكين. وأنشد هذا البيت وقال : لا يجوز ذلك في المفتوح لخفة الفتحة. انتهى.
ووقع هذا البيت في رواية سيبويه :
ألا رب مولود وليس له أب
وكذا أورده ابن هشام في مغني اللبيب شاهدا على أن رب تأتي بقلة لإنشاء التقليل ، كهذا البيت ، وفي الأكثر أنها لإنشاء التكثير. وكذا أورده غيره. ولا تلتفت إلى قول ابن هشام اللخمي مع رواية سيبويه : " الصواب عجبت لمولود". لأن الروايتان صحيحتان ثابتتان.
ونسبه شراح أبيات سيبويه لرجل من أزد السراة. انظر خزانة الأدب ١ / ٢٨٤.