باب الراء
الراء فيها تكرير في مخرجها ، فإذا قلت : راشد وفراش لم تمل لأنّهم كأنهم تكلموا براءين مفتوحتين فصارت بمنزلة القاف وتقول : هذا حمار ورأيت حمارا فلا تميل ولو كان غير الراء لأملت ، وأما في الجرّ فتميل الألف كان أول الحرف مكسورا أو مفتوحا أو مضموما لأنّها كأنّها حرفان مكسوران فإنّما تشبه القاف مفتوحة ، وذلك قولك : من حمارك ومن عوارك ومن المعار ومن الدّوار وجميع المستعلية إذا كانت الراء مكسورة بعد الألف غلبت الراء ، وذلك قولك :قارب وغارم وهذا طارد قويت على هذه الألف إذ كنت إنّما تضع لسانك في موضع استعلاء ثمّ تنحدر ، فإن كان المستعلي بعد الراء لم تمل تقول هذه ناقة فارق وأينق مفاريق فتنصب كما فعلت ذلك حين قلت : ناعق ومنافق ومناشيط وقالوا : من قرارك فغلبت الراء المكسورة الراء المفتوحة كما غلبت الحرف المستعلي وقوم من العرب يقولون : الكافرون والكافر والمنابر لبعد الراء ولم تقو قوة المستعلية لأنّها من موضع اللام وهي قريبة من الياء ألا ترى أنّ الألثغ يجعلها ياء وقوم آخرون نصبوا الألف في النّصب والرفع وأمالوا في الجرّ ومن قال : مررت بالحمار فلم يمل قال : مررت بالكافر فنصب الألف قال : وقد قال قوم ترضى عربيتهم : مررت بقادر قبل سمعنا من نثق به من العرب يقول وهو هدبة ابن خشرم :
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر |
|
بمنهمر جون الرّباب سكوب (١) |
والأجود ترك الإمالة ومن يقول : مررت بكافر أكثر ممن يقول : بقادر ومن العرب من يقول : مررت بحمار قاسم فينصبون للقاف.
ومن قال : بالحمار قبل قال : مررت بفارّ قبل وقال : (كانَتْ قَوارِيرَا ١٥ قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان].
__________________
(١) شاهد على حذف أن من خبر عسى ، وهو قليل ، والتقدير : أن يكون وراءه .... إلخ.
وكذا قال ابن هشام في المغني ، وهو ظاهر كلام سيبويه ، قال سيبويه : واعلم أن من العرب من يقول : عسى يفعل يشبهها بكاد يفعل ، فيفعل حينئذ في موضع الاسم المنصوب في قوله عسى الغوير أبؤسا. فهذا مثل من أمثال العرب ، أجروا فيه عسى مجرى كان. انظر خزانة الأدب ٣ / ٣٧٢.