فصل من مسائل الجواب بالفاء
يقول : (هل يقوم زيد فتكرمه) يجوز الرفع والنصب النصب على الجواب والرفع على العطف وقال الله عز وجل : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ) [الحديد : ١١] يقرأ بالرفع والنصب وتقول : ما أنت الذي تقوم فتقوم إليه الرفع والنصب فالرفع على النسق والنصب على الجواب وتقول : من ذا الذي يقوم فيقوم إليه زيد الرفع والنصب وقوم يجيزون توسط الفاء في الجزاء فيقولون : هل تضرب فيأتيك زيد وهو عندي في الجزاء كما قالوا : لأن ما بعد الفاء إذا نصب فهو مع ما قبله من جملة واحدة والجزاء وجوابه جملتان تنفصل كلّ واحدة منهما عن صاحبتها.
فلا يجوز أن يختلطا ، فإن قال قائل : ينبغي أن يكون غير جائز عليمذهبكم من قبل أن التقدير عندكم : هل يقع ضرب زيدا فإتيانك فلو أجزت (زيدا) في هذه المسألة لم يجز ؛ لأنه في صلة (ضرب) فلا يجوز أن تفصل بين الصلة والموصول بشيء فالجواب في ذلك أنك إذا قلت :
هل تضرب فيأتيك زيدا فإنما العطف على مصدر يدل عليه (يضرب) فأغنى عنه وعلى ذلك فينبغي أن لا يجري على التقديم والتأخير في مثل هذا إلا أن يسمع نحوه من العرب ؛ لأنه قد خولف به الكلام للمعنى الحادث ، وإذا أزيل الكلام عن جهته لمعنى فحقه أن لا يزال بضده ولا يتصرف فيه التصرف الذي له في الأصل إلا أن يقول العرب شيئا فتقوله والفراء يقول :
إنما نصبوا الجواب بالفاء ؛ لأن المعنى كان جوابا بالجواب.
فلما لم يؤت بالجزاء فينسق على غير شكله فنصب مثل قولك : هل تقوم فأقوم وما قمت فأقوم إنما التأويل لو قمت لقمت وشبهه بقولهم : لو تركت والأسد لأكلك.
وتقول : لا يسعني شيء ويضيق عنك ، لم يحسن التكرير فنصبت وقال بعضهم : إنما نصب الجواب بالفاء ، وإن لا تلي إلا المستقبل فشبه (بأن) والفاء في الجزاء تلي كل شيء فبطلت والذي يجيزون توسط الجواب يقولون : ما زيد فنأتيه بمذنب يجيزون النصب ولا يجيزون الرفع ولا يجوز أن تقول : ما زيد نأتيه إلا أن تريد الاستفهام.