مسائل التصريف
هذه المسائل التي تسأل عنها من هذا الحدّ على ضربين :
أحدهما : ما تكلمت به العرب وكان مشكلا فأحوج إلى أن يبحث عن أصوله وتقديراته.
والضرب الثاني : ما قيس على كلامهم.
ذكر النوع الأول من ذلك :
قالت العرب : حاحيت وهاهيت وعاعيت.
وأجمع أصحابنا على أنّ الألف بدل من ياء وللسائل أن يسأل فيقول : ما الدليل على أنّها بدل من ياء دون أن يكون بدلا من واو ، وإذا ثبت أنها بدل من ياء فله أن يسأل فيقول : لم قلبت وهي ساكنة ألفا فالجواب في ذلك يقال له : وجدنا كلّ ما جاء من الواو في هذا الباب قد ظهرت فيه الواو نحو : (قوقيت وضوضيت وزوزيت) ولم نر منه شيئا جاء بالياء ظاهرة واجتمع مع هذا أنا وجدنا الألف قد أبدلت في بعض المواضع من الياء الساكنة ولم نجدها مبدلة من الواو الساكنة ، وذلك قولهم في (طيىء طائي وإنّما هو : طيّئي) فقلبوا الياء ألفا.
وقال الأخفش : إنّهم يقولون في (الحيرة) حاري ، قال أبو بكر : فلو قالوا : حيحيت لاجتمعت الياءات ولا يكون ذلك في ذوات الواو ؛ لأنه لا يجوز أن تقول : (قوقوت) ؛ لأن الواو إذا صارت رابعة انقلبت ياء ، وإذا كانت الياء رابعة لم تقلب إلى غيرها في مثل هذا فقولك : (قوقيت) لم يجتمع في الحرف واوان ولو قلت : حيحيت (لاجتمعت) ياءان.
قال أبو بكر : وكان القياس عندي أن تظهر الياء ولكنّهم تنكبوا ذلك استثقالا للياءين أن يتكررا مع الحاء في (حاحيت) والعين في (عاعيت) وخفّ ذلك في ذوات الواو لإختلاف اللفظ بما أوجبته العلة ومع ذلك ، فإن هذا الفعل بني من صوت الألف فيه أصل ليست منقلبة من شيء ألا ترى أنّ الحروف والأصوات كلها مبنية على أصولها ووجدناهم قد قلبوا الألفات في بعض الحروف إلى الياء نحو : عليه وإليه فلمّا قلبت الألف إلى الياء وجب أن تقلب الياء إلى الألف والدليل أيضا على أنّ الألفات في الحروف غير منقلبات أنّه لا تجوز أمالتها ولو كانت