فأمّا خطايا وأداوى فإنّهم جعلوا موضع الهمزة ياء وواوا وأزالوا البناء عن وزن (فعائل) إلى (فعال) ثم نقلوها إلى (فعائل) وعاول فجاءوا ببناء أخر ولم ينطقوا بالهمزة مع هذا البناء وإنّما هو شيء يقدره النحويون ألا ترى أنّ الشاعر إذا اضطرّ فقال :
سماء الإله فوق سبع سمائيا
لمّا ردّ البناء إلى (فعائل) وكسر ردّ الهمزة فحروف المدّ إذا أبدلت للضرورة قبح أن تبدل بدلا بعد بدل فتشبه الأصول ألا ترى أنّ ألف (سائر) لما أبدلت في (سوير) واوا لم تدغم فتقدير خطيئة : فعيلة وتقدير إداوة : فعالة وخطيئة مثل : صحيفة كان القياس على ذلك أن يقال فيها : خطائي خطاعي مثل صحائف فكان يجتمع همزتان فتنكبوا (فعائل) إلى (فعائل) كما قالوا في مداري : مدارى وكان مداري : مفاعل فجعلوه (مفاعل).
والنحويون يقولون : إنّه لما نقل وقعت الهمزة بين ألفين فأبدلت ياء : قالوا : وإنّما (فعل) ذلك بها لأنّك جمعت بين ثلاثة ألفات وهذا المعنى إنّما يقع إذا كانت الهمزة عارضة في الجمع وهذا تقدير قدروه لا أنّ هذا الأصل سمع من العرب كما قد تأتي بعض الأشياء على الأصول مثل : حوكة واستحوذ فخطايا وبابها لم يسمع فيه إلّا الياء ، وأما (إداوة) فهي (فعالة) مثل (رسالة) وكان القياس فيها (أدائيء) مثل (رسائل) تثبت الهمزة التي هي بدل من ألف (إداوة) كما تثبت الهمزة التي هي بدل من ألف (رسالة) فتنكبوا (أداي) كما تنكبوا (خطاي) فجعلوا فعائل : فعائل وأبدلوا منها الواو ليدلوا على أنّه قد كانت في الواحد واو ظاهرة فقالوا :أداوي فهذه الواو بدل من الألف الزائدة في (إداوة) والألف التي هي لام بدل من الواو التي هي لام في (إداوة).
ومما يسأل عنه (سريّة) ما تقديرها من الفعل وهل هي (فعليّة) أو (فعيلة) وممّ هي مشتقة والذي عندي فيها أنّها فعليّة مشتقة من (السرّ) ؛ لأن الإنسان كثيرا ما يسرّها ويستر أمرها عن حرّته.