قال أبو بكر : وهذا على مذهب الخليل لا يجوز أن يكون : (موؤنة من الأين) لأنّها (مفعلة) ولو بنى (مفعلة) من الأين لقال : (مئينة) كما قال : (معيشة) وعلى مذهب الأخفش يجوز أن تكون (مؤونة) من الأين إلّا أنّ أبا عثمان قد ألزمه المناقضة في هذا المذهب وموؤنة عندي وهو القياس (مفعلة) مأخوذ من (الأون) يقال (للأتان) إذا أقربت وعظم بطنها : قد (أوّنت) ، وإذا أكل الإنسان وشرب وامتلأ بطنه وانتفخت خاصرتاه يقال : قد (أوّن) تأوينا.
قال رؤبة (١) :
سرا وقد أوّن تأوين العقق
وقال أيضا : (الأونان) جانبا الخرج فينبغي أن يكون (موؤنة) مأخوذة من (الأون) لأنّها ثقل على الإنسان فتككون (موؤنة) مفعلة ، فإن قال قائل : إنّ موؤنة مفعولة قيل له : فقل في معيشة إنّها مفعولة مثل : (مبيعة) ومفعول ومفعولة لا يكاد يجيء إلّا على ما كان مبنيا على (فعل) تقول : (بيع) فهو مبيع وبعت فهي مبيعة وقيلت فهي مقولة وليس حقّ المصادر أن تجيء على (مفعولة) وقد اختلف أصحابنا في (معقول) فقال بعضهم : هو مصدر وقال بعضهم : صفة ولو كان (معقول) مصدرا لا خلاف فيه ما وجب أن يردّ إليه شيء ولا يقاس عليه إذا وجد عنه مذهب لقلته. ومن هذا الباب (أسطوانة).
قال الأخفش : تقول في (أسطوانة) إنّه فعلوانة لأنك تقول : أساطين فأساطين فعالين كانت (أفعلانة) لم يجز : أساطين ؛ لأنه لا يكون في الكلام (أفاعين).
وقد قال بعض العرب في ترخيم (أسطوانة) : سطينة فهذا قول من لغته حذف بعض الهمز كما قالوا : ويلمه يريدون : ويل لأمه.
وقد قال قوم على قول من قال : سطينة أنها (أفعلانة) وغيّر الجمع فجعل النون كأنّها من الأصل كما قالوا : مسيل ومسلان وهذا مذهب وهو قليل والقياس في نحو هذا أن تكون الهمزة هي الزيادة.
__________________
(١) البيت لرؤبة بن العجاج ت ١٤٥ ه ، والبيت كاملا : [الرجز]
وسوس يدعو مخلصا ربّ الفلق |
|
سرّا وقد أوّنّ تأوين العقق. |