باب ضرورة الشّاعر
ضرورة الشاعر : أن يضطرّ الوزن إلى حذف أو زيادة أو تقديم أو تأخير في غير موضعه وأبدال حرف أو تغيير إعراب عن وجهه على التأويل أو تأنيث مذكر على التأويل وليس للشاعر أن يحذف ما اتفق له ولا أن يزيد ما شاء بل لذلك أصول يعمل عليها فمنها ما يحسن أن يستعمل ويقاس عليه ومنها ما جاء كالشاذّ ولكنّ الشاعر إذا فعل ذلك فلا بدّ من أن يكون قد ضارع شيئا بشيء ولكنّ التشبيه يختلف فمنه قريب ومنه بعيد.
ذكر الذي يحسن من ذلك ويقاس عليه :
اعلم أنّ أحسن ذلك ما ردّ فيه الكلام إلى أصله وهو في جميع ذلك لا يخلو من زيادة أو حذف فالزيادة صرف ما لا ينصرف وإظهار التضعيف وتصحيح المعتلّ ويتبعه في الحسن تحريك الساكن في القافية بحركة ما قبله ، فإن كان في حشو البيت فهو عندي أبعد وقطع ألف الوصل في أنصاف البيوت.
وأمّا الحذف : فقصر الممدود وتخفيف المشدد في القوافي فأمّا ما لا يجوز للشاعر في ضرورته فلا يجوز له أن يلحن لتسوية قافية ولا لإقامة وزن بأن يحرك مجزوما أو يسكن معربا وليس له أن يخرج شيئا عن لفظه إلّا أن يكون يخرجه إلى أصل قد كان له فيرده إليه ؛ لأنه كان حقيقته وإنّما أخرجه عن قياس لزمه أو اطراد استمرّ به أو استخفاف لعلّة واقعة.
الأول من الضرب الأول
وهو صرف ما لا ينصرف للشاعر أن يصرف في الشّعر جميع ما لا ينصرف ، وذلك أنّ أصل الأسماء كلّها الصرف ، وذلك قولهم في الشعر : مررت بأحمر ورأيت أحمرا ومررت بمساجد يا فتى كما قال النابغة :
فلتاتينك قصائد وليركبن |
|
جيش إليك قوادم الأكوار (١) |
__________________
(١) الأكوار : جمع كور بالضم وهو رحل الناقة بأداته وهو كالسّرج وآلته للفرس. وقد تكرر في الحديث مفردا ومجموعا وكثير من الناس يفتح الكاف وهو خطأ ، وفي حديث علي ليس فيما تخرج أكوار النّحل صدقة ـ واحدها كور بالض وهو بيت النّحل والزّنابير والكوار والكوارة شيء يتّخذ من القضبان للنّحل يعسّل فيه أراد أنه ليس في العسل صدقة [النهاية في غريب الحديث : ٤ / ٢٠٩].