ديار التي كادت ونحن على منى |
|
تحلّ بنا لو لا نجاء الرّكائب |
أي : تجعلنا نحلّ لا أنّها هي تنتقل إلينا ومن هذا الباب قول الشاعر :
صددت فأطولت الصّدود وقلّما |
|
وصال على طول الصّدود يدوم |
والكلام : قلّ ما يدوم وصال وليس يجوز أن يرفع (وصال) بيدوم وقد أخّره ولكن يجوز هذا عندي على إضمار (يكون) كأنه قال : قلّ ما يكون وصال يدوم على طول الصدود وحقّ (ما) إذا دخلت كافة في مثل هذا الموضع فإنّما تدخل ليقع الفعل بعدها وكذلك يكون مع الحرف نحو : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) [الحجر : ٢] وإنّما يقوم زيد وما أشبه ذلك مما لا يجوز أن يليه الفعل فإذا كفّ (بما) وبني معها وليه الفعل ومن هذا الباب قول الفرزدق :
وما مثله في النّاس إلا مملكا |
|
أبو أمه حيّ أبوه يقاربه |
يريد : ما مثله في الناس حيّ يقاربه إلّا مملك أبو أم ذلك المملك أبوه ولكن نصب مملكا حيث قدّم الاستثناء ومن هذا فصلهم بالظرف بين المضاف والمضاف إليه نحو قوله :
كما خطّ الكتاب بكفّ يوما |
|
يهوديّ يقارب أو يزيل |
وكقول الآخر : لله درّ اليوم من لامها.
الرابع : هو إبدال حرف اللين من حرف صحيح :
اعلم أنّ الشاعر يضطر فيبدل حروف اللين من غيرها كما قال :
لها أشارير من لحم تتمّره |
|
من الثّعالي ووخز من أرانيها |
يريد (الثعالب وأرانبها) فكان الشعر ينكسر لو ذكر (الباء) في الثعالب وتفسد القافية ؛ لأن رويه الياء فابدل الباء ؛ لأن الحركة لا تدخلها فينكسر الوزن فكذلك أبدل ياء في (الحمي) وهو يريد (الحمام) ومن قبيح ما جاء في الضرورة عند النحويين.
__________________
(١) نافع وعاصم : (ربما) مخفّفا.
وقرأ الباقون مشدّدا ، وهما لغتان فصيحتان غير أنّ الإختيار التّشديد ، لأنّه الأصل ، ولو صغّرت لقلت : ربيب ، ومن خفّف أسقط باء تخفيفا [إعراب القراءات السبع : ١ / ٣٤٠].