باب الحروف التي جاءت للمعاني
قد ذكرنا أول الكتاب ما يعرف به الحرف والفرق بينه وبين الاسم والفعل وإنما هي أدوات قليلة تدخل في الأسماء والأفعال وتحفظ لقلتها وسنذكرها بجميع أنواعها وكلها مبني وحقها البناء على السكون وما بني منها على حركة فإنما حرك لسكون ما قبله أو ؛ لأنه حرف واحد فلا يمكن أن يبتدأ به إلا متحركا وهي تنقسم أربعة أقسام : ساكن يقال له موقوف ومضموم ومكسور ومفتوح الأول.
الموقوف : ويبدأ بما كان منه على حرفين ، وذلك أم وأو وهل وتكون بمعنى : (قد) ولم نفي فعل ولن نفي سيفعل ، فإن للجزاء ووجوب الثاني لوجوب الأول وتكون لغوا في (ما إن يفعل) وتكون (كما) في معنى (ليس) قال الشاعر :
ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته (١)
ومن ذلك (أن) المفتوحة يكون وما بعدها بمنزلة المصدر وتكون بمنزلة (أي) وتكون مخففة من الثقيلة وتكون لغوا نحو قولك : لمّا أن جاء.
وأما والله أن فعلت فأما كونها بمنزلة المصدر فقولك : أن تأتيني خير لك واللام تحذف من أن كقوله : أن تقتل أحدهما وأن كان ذا مال ويجوز أن تضيف إلى (أن) الأسماء تقول : إنه أهل أن يفعل ومخافة أن يفعل ، وإن شئت قلت : إنّه أهل أن يفعل ومخافة أن يفعل وإنّه خليق ؛ لأن يفعل وإنّه خليق أن يفعل وعسيت أن تفعل وقاربت أن تفعل ودنوت أن تفعل ولا تقول : عسيت الفعل ولا للفعل وتقول : عسى أن يفعل وعسى أن يفعلا وعسى أن يفعلوا وتكون
__________________
(١) زاد إن بعد ما المصدرية ، وليست بنافية ، تشبيها لها بما النافية.
ألا ترى أن المعنى : ورج الفتى للخير مدة رؤيتك إياه ، لا يزال يزيد خيرا على السن. لكن لما كان لفظها كلفظ ما النافية زادها بعدها ، كما تزاد بعد ما النافية ، في نحو قولك : ما إن قام زيد ، وقول الآخر : أنشده أبو زيد :
يرجي المرء ما إن لا يلاقي ... البيت
فزاد إن بعد ما ، وهي اسم موصول ، لشبهها باللفظ بما النافية. انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٤٠.