باب (أم) و (أو) والفصل بينهما
اعلم أنّ (أم) لا تكون إلا استفهاما وهي على وجهين : على معنى أيهما وأيهم وعلى أن تكون منقطعة من الأول.
فإذا كان الكلام بهما بمنزلة أيهما وأيّهم فهو نحو قولك : أزيد عندك أم عمرو وأزيدا لقيت أم بشرا. تقديم الاسم أحسن. لأنك عنه تسأل ويجوز تقديم الفعل.
وإذا قلت : أضربت زيدا أم قتلته كان البدء بالفعل أحسن لأنك عنه تسأل وتقول : ما أبالي أزيدا لقيت أم عمرا وسواء عليّ أزيدا كلمت أم عمرا وما أدري أزيد ثمّ عمرو أدخلت حرف الاستفهام للتسوية وعلى ذا ما أدري أقام أم قعد على التسوية.
وأما المنقطعة فنحو قولك : أعمرو عندك أم عندك زيد وأنّها لإبل أم شاء ويجوز حذف ألف الاستفهام في الضرورة.
فأما (أو) فقد ذكرناها مع حروف العطف كما ذكرنا أم.
وقد تختلط مسائلهما لاشتراك بينهما بعض المعاني.
واعلم أنّ (أو) إنما تثبت أحد الشيئين أو الأشياء وأنّ أم مرتبتها أن تأتي بعد أو.
ويقول القائل : لقي زيد عمرا أو خالدا.
فيثبت عندك أنه قد لقي أحدهما إلا أنك لا تدري أيّهما هو فتقول : حسب أعمرا لقي زيد أم خالدا.
وكذلك إذا قال لك القائل : قد وهب لك أبوك غلاما أو جارية.
فقد ثبت عندك أن أحدهما قد وهب لك إلا أنك لا تدري أغلام أم جارية فإذا سألت أباك عن ذلك قلت : أغلاما وهبت لي أم جارية وتقول : أيّهم تضرب أو تقتل ومن يأتيك أو يحدثك ؛ لأن (أم) قد استقر على أي ومن وكأنّك قلت : زيدا أم عمرا تضرب أو تقتل ثم أتيت بأي موضع زيد وعمرو ، فقلت : أيهما تضرب أو تقتل؟