دلائل إعجازه (١) بأسرار البلاغة وعلى آله وأصحابه المحرزين (٢) قصبات السّبق في مضمار الفصاحة والبراعة.
(وبعد) فيقول الفقير (٣) إلى الله الغنيّ (٤)
______________________________________________________
(١) دلائل جمع دليل كوصائد جمع وصيد ، والدّليل ما يعرف به الشّيء فدلائل إعجازه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يعرف به عجز المعارضين عن إتيان مثله ، فالمراد من إعجاز النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو معجزاته وأعظمها القرآن الباقي على صفحات الدّهر ، فالقرآن هو المعجزة الخالدة لما فيه من أسرار البلاغة ولطائفها ، ومعنى تأييد القرآن بأسرار البلاغة أن البلغاء لما نظروا بدقّة النّظر إلى القرآن ووجدوا فيه أسرار البلاغة الّتي لم توجد في كلامهم ، فاضطرّوا إلى الاعتراف بأنّه كلام الله وهو خارج عن طوق البشر ، وهذا معنى كون القرآن معجزة خالدة.
(٢) «المحرزين» جمع المحرز من الإحراز بمعنى الحوز صفة للآل والأصحاب فالمعنى على «آله وأصحابه» الحائزين «قصبات السّبق» ، والقصبات جمع قصبة وهي سهم صغير تغرسه الفرسان في آخر الميدان ليأخذه من سبق إليه أوّلا.
وإضافة القصبات إلى السّبق من إضافة الدّالّ إلى المدلول فالمعنى القصبات الدّالّة على السّبق «في مضمار» أي ميدان «الفصاحة والبراعة». وإحراز الآل والأصحاب قصبات السّبق في مضمار الفصاحة والبراعة كناية عن سبقهم وتفوّقهم على غيرهم في ميدان الفصاحة. ففي الكلام استعارة تمثيليّة حيث شبّهت هيئة الآل والأصحاب في حوزهم أعلى المراتب الفصاحة والبراعة عند المحاورة بهيئة الفرسان في إحرازهم قصب السّبق في ميدان الخيل عند المسابقة وتركنا ذكر أقسام الاستعارة والممكن فرض بعضها في المقام تجنّبا عن التّطويل.
(٣) «فقير» على وزن فعيل بمعنى المفتقر فهو مما لا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث لأنّ استواءهما في فعيل بمعنى مفعول ، كقتيل مثلا.
(٤) بالجر صفة لله ، وبالرّفع صفة للفقير ، والمعنى المفتقر إلى الله الغنيّ عمّا سواه تعالى والأوّل أولى لوجهين :
الأوّل : لأنّه المتبادر.
الثّاني : لعدم الفصل بين الموصوف والصّفة حينئذ.