وفيه نظر (١) للقطع باستكراه الجرشى دون النّفس مع قطع النّظر عن النّغم. [و] الفصاحة (٢) [في الكلام : خلوصه من ضعف التّأليف وتنافر الكلمات (٣)
______________________________________________________
(١) أي في هذا التّعليل المحكيّ ب «قيل» نظر ، وحاصل وجه النّظر : أنّا لا نسلّم ما ذكر من أنّ الكراهة في السّمع وعدمها يرجعان إلى حسن الصّوت وقبحه ، لا إلى نفس اللّفظ ، إذ لو كان الأمر كذلك ، لزم أن يكون الجرشى غير مكروه في السّمع ، إلّا إذا سمع من قبيح الصّوت ، وليس الأمر كذلك ، وذلك لما أشار إليه الشّارح بقوله : «للقطع باستكراه الجرشى دون النّفس مع قطع النّظر عن النّغم» ، أي للقطع بكراهة الجرشى دون مرادفه ، وإن نطق به حسن الصّوت ، وحينئذ فحصر الكراهة في السّمع على قبح النغم باطل ، فتعيّن ما ذكره الشّارح من انحصار سبب الكراهة في السّمع في الغرابة ، فالكراهة في السّمع إنّما هي من جهة الغرابة المفسّرة بالوحشيّة.
وبالجملة إنّ الكراهة في السّمع الكائنة في اللّفظ ليست راجعة إلى النّغم ، بل إنّما هي ناشئة من غرابة اللّفظ وعدم شهرة استعماله.
(٢) إنّ تقدير لفظ الفصاحة إشارة إلى تقدير المبتدأ ، فيكون عطف قوله : «والفصاحة في الكلام ...» على قوله : «والفصاحة في المفرد ...» من عطف الجملة على الجملة بلا لزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين ، فلو لم تقدّر الفصاحة لزم عطف قوله : «في الكلام» على قوله : «في المفرد» والعامل فيه (الكائنة) المقدّرة ، وعطف قوله : «خلوصه» على قوله : «خلوصه» المتقدّم ، والعامل فيه المبتدأ ، ولا يجوز العطف كذلك على الأصحّ فتحرّزا عن ذلك التزم بتقدير المبتدأ أعني قوله «الفصاحة» ليصبح العطف في عبارة المصنّف من عطف الجملة على الجملة.
(٣) عطف على قوله «ضعف التّأليف» ، وكذا قوله «والتّعقيد». فمعنى العبارة أنّ الفصاحة في الكلام هو خلوصه وخلوّه عن الأمور الثّلاثة بأن لا يكون شيء منها موجودا فيه ، ثمّ المراد بالتّنافر في المقام كون الكلمات بحيث يوجب اجتماعها ثقلها على اللّسان.
نعم ، كان الأولى أن يأتي المصنّف بمن في قوله «تنافر الكلمات» وقوله «التّعقيد» ، فيقول : (والفصاحة في الكلام خلوصه من ضعف التّأليف ومن تنافر الكلمات ومن التّعقيد) ليصير كلامه نصّا في السّلب الكلّي وعدم الإتيان بها يوهم سلب العموم المقتضي كون