خالص عن تنافر الكلمات حال كونها فصيحة ، فافهم (١).
______________________________________________________
التّأليف والتّعقيد وتنافر الكلمات مع فصاحتها بأن يكون الكلام الفصيح خالصا عن التّنافر وفصاحة الكلمات معا ، وهو خلاف المقصود فإنّ المقصود هو خلوصه عن تنافر الكلمات فقط.
نعم ، إذا قلنا بأنّ النّفي يتوجّه إلى المقيّد فقط دون القيد فيكون مفاد كلام المصنّف نفس ما هو المقصود ، إلّا أنّ هذا الاحتمال إنّما هو على خلاف القاعدة أو المتعارف فلا يجوز الالتزام به ، وإن حصل به المقصود ولعلّ إليه أشار بقوله «فافهم».
(١) لعلّه إشارة إلى دفع الإشكال المذكور باحتمال رجوع النّفي إلى المقيّد فقط إلّا أنّه على خلاف القاعدة إذ مقتضاها رجوع النّفي إلى القيد فقط ، فيلزم المحذور المذكور.
وتتميم الكلام في المقام هو أنّ النّفي إذا دخل على شيء مقيّد بقيد ما ، فلا يخلو في مقام الثّبوت حاله من وجوه ثلاثة : فإنّه إمّا أن يتوجّه إلى المقيّد فقط ، وإمّا أن يتوجّه إلى القيد فقط ، وإمّا أن يتوجّه إلى القيد والمقيّد معا ، مثلا كلمة ما في قولنا : (ما جاءني زيد راكبا) إمّا أن تكون متوجّهة إلى الحال فقط ، فيكون المعنى حينئذ انتفاء الرّكوب وثبوت المجيء ، وإمّا أن تكون متوجّهة إلى العامل فقط ، فيكون المعنى انتفاء المجيء وثبوت الرّكوب ، وإمّا أن تكون متوجّهة إليهما معا ، فيكون المعنى حينئذ انتفاء المجيء والرّكوب معا ، وأمّا في مقام الإثبات فالظّاهر توجّه النّفي إلى القيد كما صرّح به الشّيخ عبد القادر ويساعده الفهم العرفي.
وتطبيق ذلك في المقام : أنّ النّفي الكائن في ضمن الخلوص ، بناء على كون «مع فصاحتها» حالا من الكلمات يكون داخلا على التّنافر المقيّد ب «مع فصاحتها» ، فإمّا أن يكون متوجّها إلى «مع فصاحتها» فقط ولازم ذلك انحصار الكلام الفصيح فيما يكون غير واجد لضعف التّأليف والتّعقيد وفصاحة الكلمات وواجدا للتّنافر فيها ، وعدم كون ما لا تكون كلماته متنافرة فصيحا أصلا فيلزم المحذور المتقدّم ذكره.
وإمّا أن يكون متوجّها إلى تنافر الكلمات فقط ولازم ذلك انحصار الكلام الفصيح فيما يكون غير واجد لضعف التّأليف والتّعقيد وتنافر الكلمات وواجدا للفصاحة فيها.
وإمّا أن يكون متوجّها إليهما معا ، ونتيجة ذلك انحصار الكلام الفصيح فيما يكون غير