[قيل :] فصاحة الكلام : خلوصه ممّا ذكر (١) [ومن كثرة التّكرار (٢) وتتابع الإضافات (٣) كقوله :] * وتسعدني في غمرة بعد غمرة (٤) * [سبوح] أي فرس حسن الجري
______________________________________________________
(١) أتى الشّارح بقوله : «قيل : فصاحة الكلام ...» للإشارة إلى أنّ قول المصنّف وهو «من كثرة التّكرار» عطف على مقدّر في كلام هذا القائل أعني «ممّا ذكر» ، والمجموع خبر لمقدّر في كلامه أيضا أعني «خلوصه» ومجموع المبتدأ والخبر خبر أيضا لمقدّر في كلامه ، أعني «فصاحة الكلام» ، ثمّ هذا المجموع مقول للقول ، والمراد من «ممّا ذكر» الأمور الثّلاثة المذكورة في كلام المصنّف أعني : ضعف التّأليف وتنافر الكلمات والتّعقيد ، فمعنى الكلام : فصاحة الكلام خلوصه ممّا ذكر «ومن كثرة التّكرار ...».
(٢) أي ذكر الشّيء مرّة بعد أخرى ، والمراد منه في المقام ذكر لفظ واحد مرّة أو مرّات سواء كان ذلك اللّفظ اسما أو فعلا أو حرفا ، ثمّ الاسم ظاهرا كان أو مضمرا وإنّما شرط هذا القائل الكثرة ، لأنّ التّكرار بلا كثرة لا يخلّ بالفصاحة وإلّا للزم عدم فصاحة ما يشتمل على التّأكيد اللّفظي مطلقا فيكون حينئذ التّأكيد اللّفظي قبيحا ، وليس الأمر كذلك.
(٣) أي من تتابع الإضافات فيكون «تتابع الإضافات» عطفا على «كثرة التّكرار» لا على التّكرار ، فيكون صاحب هذا القول مشترطا في فصاحة الكلام خلوصه من تتابع الإضافات وإن لم يكن كثيرا ، والدّليل على ذلك قول الشّارح فيما سيأتي «وتتابع الإضافات مثل قوله» ولم يقل : (وكثرة تتابع الإضافات مثل قوله) ثمّ إنّ الفرق بين تتابع الإضافات وكثرتها واضح ، لأنّ الأوّل يتحقّق بتعاقب الإضافتين ، والثّاني لا يتحقّق إلّا بتعاقب أربع إضافات ، هذا على تقدير أن يكون المراد بالجمع ما فوق الواحد كالجمع عند المنطقي ، وإلّا فالأوّل يتحقّق بتتابع ثلاث إضافات ، والثّاني بتتابع ستّ إضافات ، لكنّ المراد بالجمع هو الأوّل في المقام.
(٤) وبعده (سبوح لها منها عليها شواهد) ، قوله «تسعدني» مضارع من الإسعاد ، وهو بالمهملات بمعنى الإعانة «غمرة» بالغين المعجمة والرّاء المهملة في الموضعين كطلحة في الأصل ما يغمرك من الماء وهنا بمعنى الشّدّة «سبوح» بالمهملة والموحّدة كصبور من سبح الفرس إذا اشتدّ به عدوّه ، وأراد به حسن الجري ، وهو فعول بمعنى فاعل.