(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ٧ فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)(١) (١). [و] الفصاحة [في المتكلّم ملكة (٢)] وهي (٣) كيفيّة راسخة في النّفس (٤) ، والكيفيّة عرض (٥) لا يتوقّف تعقّله على تعقّل الغير
______________________________________________________
(١) المثال الأوّل والثّاني لتتابع الإضافات ، والثّالث أعني (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) مثال لكثرة التّكرار ، وقد وقع كلّ منهما في السّنّة أيضا كقول النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصف يوسف الصّدّيق عليهالسلام : (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم).
ومن اشتمال هذه الآيات على كثرة التّكرار وتتابع الإضافات نستكشف أنهما لا يخلّان بالفصاحة ، وإلّا لما وقعا في القرآن ، لأنّه كلام الله وكلام الله منزّه عن كلّ عيب ونقص.
(٢) تقدير الفصاحة إشارة إلى أنّ عطف «في المتكلّم» على ما ذكر سابقا عطف جملة على جملة.
(٣) أي الملكة كيفيّة ، يعني صفة وجوديّة ولم يقل : وهي صفة ، بل قال : «وهي كيفيّة» للإشارة إلى أنّ الملكة من مقولة الكيف الّذي هو مع الكمّ من الأعراض الغير النّسبيّة.
والأعراض النّسبيّة سبعة ، وهي : الإضافة ، متى ، الأين ، الوضع ، الملك ، الفعل ، الانفعال.
ثمّ مجموع الأعراض تسعة ، وهي مع الجوهر عشرة ، يقال لها : المقولات العشرة ، أي المحمولات ، إذ ما من محمول إلّا أن يكون من هذه المقولات.
وحاصل الكلام أنّ الصّفة الحاصلة للنّفس في أوّل حصولها تسمّى حالا ، وبعد الثّبوت والتّقرّر في محلّها تسمّى ملكة وكيفيّة. ثمّ الكيفيّة على أربعة أقسام : الكيف المحسوس ، الكيف النّفساني ، الكيف الاستعدادي ، الكيف المختصّ بالكمّ كالزّوجيّة والفرديّة.
ثمّ تقييدها بالرّاسخة احتراز عن الغير الرّاسخة كحمرة الخجل والفرح واللّذة والألم.
(٤) أي لا في الجسم كالبياض مثلا ، وإلّا فلا تسمّى ملكة ، والحاصل أنّ الكيفيّة إذا استقرّت وثبتت في النّفس يقال لها ملكة ، وإن اختصّت بالجسم عبّر عنها بالكيفيّة والعرض.
(٥) أتى بالاسم الظّاهر ـ حيث قال : «والكيفيّة عرض» مع أنّ المقام مقام الضّمير لسبق المرجع ، أي فالأولى أن يقول : وهي عرض ـ للإشارة إلى أنّ المراد مطلق الكيفيّة الشّاملة للرّاسخة ولغيرها ، ثمّ قوله «عرض» وهو ما لا يقوم بنفسه ، بل يحتاج في حصوله إلى موضوع.
__________________
(١) سورة الشّمس : ٧.