[وهو] أي مقتضى الحال [مختلف (١)
______________________________________________________
مؤكّد أو كلام يذكر فيه المسند إليه أو يحذف ، وهكذا ، وكيف كان فمقتضى الحال هو الكلام الكلّي المكيّف بالكيفيّة الخاصّة ، وطبعا يكون الكلام المطابق لمقتضى الحال جزئيّا من جزئيّات ما تقتضيه الحال. فالمتحصّل من الجميع هو نفي توهّم الاتّحاد بين المطابق والمطابق.
(١) هذا الكلام تمهيد لضبط مقتضيات الأحوال وتحقيقها على وجه الإجمال الموجب لتشويق المتعلّمين إلى الوقوف عليها تفصيلا.
وحاصل ما ذكره : أنّ مقتضيات الأحوال ـ بالفتح ـ مختلفة وقد يعبّر عنها بالمقامات ، فالحال والمقام وإن كانا مختلفين بالاعتبار كما يأتي في قول الشّارح إلّا أنّهما متّحدان ذاتا.
ففي الكلام المذكور فوائد :
الأولى : أنّه تمهيد لما سيجيء من أنّ للبلاغة طرفين ، أي الأعلى والأسفل ، وبينهما مراتب كثيرة ووجه كونه تمهيدا ظاهر ، إذ كون مقتضى الحال مختلفا باعتبار اختلاف المقامات يستلزم تعدّد مراتب البلاغة وكونها ذا طرفين أحدهما أعلى والآخر أسفل.
الثّانية : إنّه تشويق للمتعلّمين إلى تفصيل مقتضيات الأحوال ومعرفتها فردا فردا ، وذلك لأنّ في الكلام المذكور إشارة إجماليّة إلى مقتضيات الأحوال ، حيث إنّه متكفّل لبيان اختلافها باختلاف المقامات كان إشارة إلى تعدّدها إجمالا فيوجب التّشويق المذكور ، فإنّ الإنسان مجبول على أنّه إذا التفت إلى شيء إجمالا يحصل له الشّوق إلى معرفته تفصيلا.
الثّالثة : إنّ فيه دفع توهّم ، وذلك لأنّه ربّما يتوهّم ـ من قوله : «بلاغة الكلام مطابقته لمقتضى الحال» ـ إنّ المضمون الواحد الّذي يدلّ عليه الكلام مقتضى حاله واحد.
فدفع هذا التّوهّم بقوله : «وهو مختلف» لأنّ مقامات الكلام متفاوتة ، وحاصل الدّفع : إنّ المضمون الواحد بما أنّ مقامات الكلام الدّالّ عليه متفاوتة ومقتضيات أحواله كثيرة مثلا ثبوت القدرة لله تعالى ، قد يكون مقتضى مقامه التّجريد عن التّأكيد ، وقد يكون مقتضى مقامه التّأكيد الاستحساني ، وقد يكون مقتضى مقامه التّأكيد الوجوبي ، فإنّه قد يلقى إلى خاليّ الذّهن ، وقد يلقى إلى المنكر الّذي لا يصرّ على إنكاره ، وقد يلقى إلى المنكر المصرّ على إنكاره.