فإنّ (١) مقامات الكلام متفاوتة (٢)] ، لأنّ الاعتبار (٣) اللّائق بهذا المقام يغاير الاعتبار اللّائق بذاك (٤) ، وهذا (٥) عين تفاوت مقتضيات الأحوال
______________________________________________________
فمقتضى المقام في الأوّل هو التّجريد عن التّأكيد ، وفي الثّاني التّأكيد الاستحساني ، وفي الثّالث التّأكيد الوجوبي.
(١) علّة لقوله «مختلف» فحاصل الكلام في المقام أنّ مقتضى الحال مختلف وذلك «فإنّ مقامات الكلام» أي الأمور المقتضية لاعتبار خصوصيّة ما في الكلام كالإنكار وخلوّ الذّهن والبلادة والذّكاء ونحوها «متفاوتة» بحسب الاقتضاء ، ثمّ اختلاف المقتضي ـ بالكسر ـ يستلزم اختلاف المقتضى ـ بالفتح ـ.
(٢) أي مختلفة ، وإذا اختلفت المقامات لزم اختلاف مقتضيات الأحوال ، لأنّ اختلاف الأسباب في الاقتضاء يوجب اختلاف المسبّبات.
(٣) تعليل لبيان عليّة تفاوت المقامات لاختلاف مقتضى الحال ، ثمّ المراد بالاعتبار هو الأمر المعتبر اللّائق بالمقام ، كالتّأكيد اللّائق بمقام الإنكار يكون مغايرا للأمر المعتبر اللّائق بمقام آخر ، كتجريد الكلام عن التّأكيد في مقام خلوّ الذّهن ، كما أشار إليه الشّارح بقوله «لأنّ الاعتبار اللائق بهذا المقام يغاير الاعتبار اللّائق بذاك»
(٤) أي مقتضى المقام في مورد كالتّأكيد في مورد الإنكار يغاير مقتضى المقام في مورد آخر كتجريد الكلام عن التّأكيد في مورد خلوّ الذّهن عن الإنكار ، وفسّرنا الاعتبار بمقتضى المقام ، لأنّ المراد به هو الأمر المعتبر اللّائق بمقام ، وهو نفس مقتضى المقام.
لا يقال : إنّ ما ذكرته من أنّ المراد من الاعتبار الأمر المعتبر ، وهو نفس مقتضى المقام مستلزم لتعليل الشّيء بنفسه ، أي تعليل اختلاف مقتضيات المقامات عند تفاوتها بنفسه ، فإنّ مغايرة المقتضى اللّائق بهذا المقام للمقتضي اللّائق بمقام آخر عين اختلاف مقتضيات المقامات عند تفاوتها.
لأنّا نقول : إنّ الاعتبار اللّائق بالمقام وإن كان نفس مقتضى المقام بحسب المصداق ، إلّا أنّه غيره بحسب المفهوم ، وهذا المقدار يكفي في المغايرة.
(٥) أي تغاير الاعتبارين بسبب تغاير المقامين «عين تفاوت مقتضيات الأحوال» ، وفيه إشارة إلى دفع توهّم عدم المطابقة بين الدّليل والمدّعى حيث إنّ المدّعى هو اختلاف