يقال : اعتبرت الشّيء إذا نظرت إليه وراعيت حاله (١) وأراد (٢) بالكلام الكلام الفصيح
______________________________________________________
الأوّل : كما إذا يرى المتكلّم التّأكيد مناسبا للإنكار من أجل تتّبعه تراكيب البلغاء ، وتحصيله منها ، إنّ الكلام مع المنكر لا بدّ أن يؤكّد.
والثّاني : كما إذا يرى المتكلّم التّأكيد مناسبا للإنكار من أجل كونه عارفا بالقواعد المدوّنة الّتي سمّيت بعلم المعاني.
(١) هذا الكلام أتى به كالدّليل من اللّغة لما ذكره من أنّ المراد بالاعتبار هو الأمر المعتبر.
وحاصله : إنّ من هو من أهل اللّغة كثيرا ما يقول : اعتبرت الشّيء إذا نظر إليه وراعى حاله ، فالأمر المعتبر عبارة عن الّذي ينظر إليه ويراعى حاله وشأنه ، ومقتضى ذلك كون الاعتبار في المقام بمعنى المعتبر ، لأنّ ما ينظر إليه المتكلّم ويراه مناسبا للمقام ـ فيراعى حاله ـ ليس نفس الاعتبار الّذي هو فعل من أفعاله.
(٢) هذا الكلام من الشّارح دفع لما أورد على كلّ من المقدّمتين في كلام المصنّف.
المقدّمة الأولى : هو قوله : «وارتفاع شأن الكلام ...».
المقدّمة الثّانية : هو قوله : «وانحطاطه بعدمها» فلا بدّ من بيان الإيراد على كلتا المقدّمتين كي يتّضح دفعه.
فنقول : إنّ حاصل الإيراد على الأولى : أنّ ارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول إنّما هو بكمال المطابقة وزيادتها لا بأصل المطابقة ، لأنّ الحاصل بأصل المطابقة إنّما هو أصل الحسن لا ارتفاعه ، وظاهر كلام المصنّف هو حصول الارتفاع بأصل المطابقة دون كمالها وزيادتها وهو غير صحيح.
وملخّص الإيراد على الثّانية : إنّ الانحطاط في الحسن إنّما هو بعدم كمال المطابقة وعدم زيادتها لا بعدمها من أصلها ، كما يظهر من كلامه ، لأنّ الانحطاط في الحسن يقتضي ثبوت أصل الحسن ، وهو إنّما يكون بالمطابقة ، وإذا انتفت المطابقة انتفى الحسن بالكليّة ، فلا يتمّ ما ذكره من أنّ الانحطاط في الحسن بعدم المطابقة ، بل الحقّ أن يقول : إنّ الانحطاط في الحسن بعدم كمال المطابقة وعدم زيادتها.
وحاصل الدّفع : إنّ المراد ـ بالكلام في قوله : «وارتفاع شأن الكلام» ـ هو الكلام