[طرفان (١) أعلى وهو (٢) حدّ الإعجاز] وهو (٣) أن يرتقى الكلام (٤) في بلاغته (٥) إلى أن يخرج عن طوق البشر (٦) ويعجزهم (٧)
______________________________________________________
(١) أي مرتبتان ، أي مرتبة أعلى ومرتبة أدنى وبينهما ، وهذا إشارة إلى أنّ البلاغة تختلف بمراعاة تمام الخصوصيّات المناسبة للمقام وعدم مراعاة جميعها ، بل واحدة منها.
فعلى الأوّل : يتحقّق الطّرف الأعلى للبلاغة وهو حدّ الإعجاز ، أي مرتبة الإعجاز. وعلى الثّاني : يتحقّق الطّرف الأسفل ، ثمّ المراتب المتوسّطة بينهما تتحقّق بحسب مراعاة كثرة الاعتبارات المناسبة للمقام وقلّتها ، وفي قوله : «ولها طرفان» استعارة بالكناية أي شبّه في نفسه البلاغة في الكلام بشيء ممتدّ له طرفان في الامتداد ، ثمّ ترك أركان التّشبيه سوى لفظ المشبّه ، وأراد به معناه الحقيقي وأثبت له لازما من لوازم المشبّه به أعني «الطّرفان» فالتّشبيه المضمر في النّفس استعارة بالكناية وإثبات الطّرفين للبلاغة استعارة تخييليّة.
(٢) أي الأعلى حدّ الإعجاز ، أي مرتبته فيكون الحدّ بمعنى المرتبة وإضافته إلى الإعجاز بيانيّة.
(٣) أي الإعجاز.
(٤) أي يرتفع شأن الكلام.
(٥) أي بسبب بلاغته لا بسبب أمر آخر كالإخبار عن المغيبات مثلا ، فكلمة «في» للسّببيّة كما في قوله : (... في هرّة حبستها).
(٦) أي عن قدرتهم وطاقتهم.
(٧) أي الكلام يعجز البشر عن المعارضة ، فالضّمير المستتر راجع إلى الكلام ، والبارز إلى البشر.
لا يقال : إنّ ما ذكر في تفسير الإعجاز من أنّه أن يرتقى الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طوق البشر ممنوع ، لأنّ البلاغة متقوّمة بركيزتين : إحداهما المطابقة ، والأخرى الفصاحة ، وعلم البلاغة أعني المعاني والبيان متكفّل لإتمام هاتين الرّكيزتين ، فمن أحاط بهذين العلمين يمكن أن يراعيهما حقّ الرّعاية فيأتي بكلام هو في الطّرف الأعلى من البلاغة.
فإنّه يقال : لا يعرف بهذا العلم إلّا أنّ هذا الحال يقتضي ذلك الاعتبار مثلا ، وأمّا الاطّلاع على جميع الأمور الّتي بها يطابق الكلام لمقتضى الحال فلا يمكن إلّا لله تعالى ، فلا