الإعجاز وقد أوضحنا ذلك (١) في الشّرح [وأسفل (٢) وهو ما إذا غيّر] الكلام [عنه (٣) إلى ما دونه] أي إلى مرتبة أخرى هي أدنى منه (٤) وأنزل [التحق] الكلام وإن كان صحيح الإعراب (٥)
______________________________________________________
(١) أي النّظر ، وقد عرفت النّظر والإشكال فلا حاجة إلى ما ذكره ثانيا ، وفي الوشاح ما هذا لفظه : التّحليل الصّحيح للعبارة هكذا : لبلاغة الكلام طرفان : أعلى وما يقرب من الأعلى طرف ، وأسفل طرف آخر ، ويكون حدّ الإعجاز هو الأعلى بنفسه ، وأعلى طبقات الفصاحة والبلاغة في كلام أعاظم البلغاء من البشر ممّا يقرب من الطّرف الأعلى نزولا بمقام البشر ، ومهما عظموا في أقوالهم عن مقام الله سبحانه ، لا أنّ الأعلى مع ما يقرب منه جميعا من حدّ الإعجاز ، لأنّه لا معنى لأن يقال للكلام هو معجز ، ولكنّه ليس من الطّرف الأعلى بل ممّا يقرب منه ، إلّا أن يقال : إنّ الإعجاز ممّا يقبل الشّدّة والضّعف فيكون الطّرف الأعلى معجزا وما يقرب من الطّرف الأعلى معجزا أيضا. وعليه فلا يجوز أن يقال لكلام المخلوق ومهما بلغ في ارتفاعه هو من أعلى طبقات البلاغة ، كما يتداول هذا القول من كثير في كثير ، لأنّ حريم الإعجاز يجب أن يكون مصونا عن تطرّق البشر ، انتهى.
(٢) عطف على قوله : «أعلى» فمعنى العبارة أنّ للبلاغة طرفان أعلى وأسفل.
(٣) أي عن الأسفل.
(٤) أي من الأسفل.
(٥) كان الأولى أن يقول : وإن كان فصيحا ، وذلك لأنّ ما ذكره يوهم أنّ الكلام إذا كان فصيحا لا يلتحق بأصوات الحيوانات عند البلغاء ، وإن لم يكن مطابقا لمقتضى الحال ، وليس الأمر كذلك ، فإنّ ما لا يكون واجدا للمطابقة ساقط عن درجة الاعتبار عندهم وإن كان واجدا للفصاحة ، فحينئذ كان الأحسن أن يقول : وإن كان فصيحا ، إذ يعلم منه ما ذكره بطريق أولى ، لأنّه إذا التحق بأصوات الحيوانات عند عدم كونه مطابقا لمقتضى الحال مع فصاحته ، فمع عدم كونه صحيح الإعراب المستلزم لعدم الفصاحة بطريق أولى. وبعبارة أخرى أنّه إذا التحق بأصوات الحيوانات عند عدم كونه مطابقا لمقتضى الحال مع فصاحته ، فمع عدم فصاحته يلتحق بها بطريق أولى وإن كان صحيح الإعراب عند البلغاء.