لأنّ (١) رعاية المطابقة لمقتضى الحال وهو (٢) مرجع علم المعاني معتبرة (٣) في علم البيان مع زيادة شيء آخر وهو (٤) إيراد المعنى الواحد في طرق مختلفة [وهو علم (٥)] أي ملكة (٦) يقتدر بها على إدراكات جزئيّة (٧) ،
______________________________________________________
(١) تعليل لكون المعاني من البيان بمنزلة المفرد من المركّب.
(٢) أي رعاية المطابقة مرجع علم المعاني ، فتذكير الضّمير إنّما هو باعتبار الخبر ، أعني قوله : «مرجع علم المعاني».
(٣) قوله : «معتبرة» خبر أنّ في قوله : «لأنّ رعاية ...» ثمّ إنّ الشّارح قال : إنّ علم المعاني بمنزلة المفرد من المركّب ، ولم يقل إنّه جزء منه ، لأنّ علم المعاني عبارة عن ملكة خاصّة ، أو عن أصول وقواعد مخصوصة ، فليس الأوّل جزء للثّاني ، وإنّما يكون منه بمنزلة الجزء من الكلّ ، وذلك لأنّ فائدة علم المعاني وثمرته رعاية مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، كما يظهر من تعريفه بأنّه علم يعرف به أحوال اللّفظ العربيّ الّتي يطابق بها اللّفظ مقتضى الحال ، وفائدة علم البيان : إيراد معنى واحد بتراكيب مختلفة في الوضوح والخفاء ، مع رعاية المطابقة لمقتضى الحال ، فعلم المعاني مرتبط بشيء واحد أعني الرّعاية ، وعلم البيان مرتبط بأمرين أعني الرّعاية والإيراد ، فيكون علم المعاني من علم البيان بمنزلة المفرد من المركّب ، وليس جزء منه.
(٤) أي شيء آخر عبارة عن إيراد المعنى الواحد في تراكيب مختلفة ك (زيد كثير الرّماد ، وزيد مهزول فصيله ، وزيد جبان كلبه) فإنّ المراد من الجميع معنى واحد ، أي زيد جواد.
(٥) أي علم المعاني.
(٦) إنّ تفسير العلم بالملكة إشارة إلى أنّ علم المعاني ليس مجرّد الصّورة الحاصلة من المعلوم في الذّهن ، بل هو ملكة يقتدر بتلك الملكة على إدراكات جزئيّة.
(٧) إن قلت : الإدراك لا يوصف بالجزئيّة والكلّيّة ، والّذي يتّصف بهما إنّما هو المدرك كالإنسان ، وزيد ، وحينئذ فالمناسب أن يقال : يقتدر بها على إدراك الجزئيّات.
ويمكن الجواب عنه بأحد وجهين :
الأوّل : هو تقدير مضاف في الكلام ، أي ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئيّة.
الثّاني : الإدراك يتّصف بالجزئيّة تبعا للمدرك ، إذ جزئيّة المدرك تستلزم جزئيّة الإدراك ، فحينئذ يكون قوله : «إدراكات جزئيّة» صحيحا من دون حاجة إلى تقدير مضاف.