في (١) تفسيرهما (٢) ، فقيل : [صدق الخبر مطابقته] أي مطابقة حكمه (٣) [للواقع] وهو الخارج (٤) الّذي يكون لنسبة الكلام الخبري [وكذبه] أي كذب الخبر [عدمها] أي عدم مطابقته للواقع (٥) يعني أنّ الشّيئين اللّذين أوقع بينهما نسبة في الخبر لا بدّ أن يكون بينهما نسبة في الواقع أي مع قطع النّظر عمّا في الذّهن وعمّا يدلّ عليه الكلام
______________________________________________________
والكاذب ، بل هنا قسم ثالث ، أعني ما ليس بصادق ولا كاذب.
(١) متعلّق ب «اختلف» أي اختلف القائلون بالانحصار في تفسير الصّدق والكذب.
(٢) أي الصّدق والكذب ، فذهب الجمهور إلى ما أشار إليه المصنّف بقوله : «صدق الخبر مطابقته ...».
(٣) غرض الشّارح من هذا التّفسير هو التّفصّي عن الدّور اللّازم على تعريف الصّدق والكذب. وتقريب الدّور على تقدير إرجاع الضّمير إلى الخبر ، إنّ المعرّف هو صدق الخبر ، والمعرّف هو المطابقة المضافة إلى ضمير الخبر ، فيلزم توقّف صدق الخبر على الخبر ، وهو دور ظاهر ، أمّا لو كان الضّمير عائدا إلى الحكم ، فلا يلزم توقّف صدق الخبر على الخبر ، فحينئذ ينتفي الدّور ، إلّا أن يقال : إنّ المعرّف ليس هو الخبر كي يلزم توقّف الشّيء على نفسه بل هو الصّدق المضاف إلى الخبر فلا يلزم الدّور أصلا.
(٤) أي المراد من الواقع هو الخارج فقوله : «وهو الخارج» إشارة إلى دفع التّنافي بين كلاميّ المصنّف. تقريب التّنافي : إنّ كلامه السّابق ـ حيث قال : «إن كان لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه فخبر» ـ يدلّ على أنّ الصّدق عبارة عن مطابقة الخبر للخارج وكلامه هنا نصّ في أنّ الصّدق عبارة عن مطابقة الخبر للواقع ، أي نفس الأمر والخارج ليس نفس الأمر ، والتّنافي بين الكلامين لا يخفى على من له أدنى البصيرة.
وحاصل الدّفع : إنّ المراد بالواقع هنا هو الخارج.
(٥) وقيل : إنّ تعريف الكذب بعدم مطابقة الخبر للواقع غير مانع لدخول المبالغة ، كقولك : (جئتك اليوم ألف مرّة) فيه مع أنّها ليست بكذب.
ويمكن الجواب : بأنّ المبالغ إن قصد ظاهر الكلام فهو كذب فيجب دخوله في تعريف الكذب ، وإن قصد معنى مجازيّا كالكثرة في المثال المذكور فصدق ، لمطابقة المعنى المراد للواقع ، فلا يلزم دخولها في تعريف الكذب.