ما يدلّ عليه قوله تعالى : (إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) في الافتراء والإخبار حال الجنّة على سبيل منع الخلوّ (١) (ولا شك أن المراد بالثاني) أي الإخبار
______________________________________________________
(١) متعلّق بقوله : «حصروا» كما أنّ قوله : «في الافتراء» متعلّق به أيضا ، ثمّ المراد بمنع الخلوّ هو المعنى الأعمّ الصّادق لمنع الجمع أيضا.
وتوضيح ذلك يتوقّف على بيان أقسام القضيّة المنفصلة : وهي إمّا حقيقيّة وإمّا مانعة الجمع وإمّا مانعة الخلوّ.
والأولى : هي الّتي يحكم فيها بالتّنافي بين جزأيها صدقا وكذبا ، كقولنا : العدد إمّا زوج أو فرد.
والثّانية : وهي مانعة الجمع على قسمين :
الأولى : مانعة الجمع بالمعنى الأخصّ : وهي الّتي يحكم فيها بالتّنافي بين جزأيها صدقا فقط ، كقولنا : هذا الشّيء إمّا أن يكون حجرا أو شجرا ، فإنّ الحجريّة والشّجريّة وإن لم تكونا قابلتين للاجتماع إلّا أنّهما قابلتان للارتفاع.
والثّانية : مانعة الجمع بالمعنى الأعمّ : وهي الّتي يحكم فيها بالتّنافي بين جزأيها في الصّدق سواء حكم بتنافيهما في الكذب أو لم يحكم فيه ، فهذا القسم يشمل المنفصلة الحقيقيّة أيضا.
والثّالثة : وهي مانعة الخلوّ ، وهي أيضا على قسمين :
الأولى : مانعة الخلوّ بالمعنى الأخصّ : ما يحكم فيه بالتّنافي بين جزأيها كذبا فقط ، كقولنا : إمّا أن يكون زيد في البحر وإمّا أن لا يغرق ، فإنّ كون زيد في البحر وعدم غرقه قابلين للاجتماع ، كما إذا كان زيدا جالسا في السّفينة ولكنّهما غير قابلين للارتفاع لعدم إمكان غرقه مع عدم كونه في البحر.
والثّانية : مانعة الخلوّ بالمعنى الأعمّ : هي الّتي يحكم فيها بتنافي جزأيها كذبا سواء حكم بتنافيهما صدقا أم لا ، فيشمل هذا القسم أيضا المنفصلة الحقيقيّة ، ومن هذا البيان اتّضح لك ما ذكرناه من أنّ المراد بمنع الخلوّ هو المعنى الأعمّ الصّادق على منع الجمع أيضا.