حال الجنّة (١) غير الصّدق وغير الكذب ، وهم عقلاء (٢) من أهل اللّسان عارفون باللّغة فيجب أن يكون من الخبر ما ليس بصادق ولا كاذب حتّى يكون هذا منه (٣) بزعمهم (٤).
وعلى هذا (٥) لا يتوجّه ما قيل (٦) : إنّه (٧) لا يلزم من عدم اعتقادهم
______________________________________________________
أظهر. وجه الأظهريّة : إنّهم إذا اعتقدوا عدم صدق النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيعتقدون الكذب جزما وحينئذ لا يجوز أن يريدوا الصّدق دفعا للتّناقض ، أمّا إذا لم يعتقدوا الصّدق ، فيجوز أن لا يعتقدوا الكذب الّذي هو نقيضه بأن يكونوا متردّدين في الصّدق.
(١) قوله : «فمرادهم» جزاء للشّرط المقدّر ، أي إذا كان المراد بالثّاني غير الكذب وغير الصّدق ، فمرادهم بكون قوله تعالى : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) خبرا حال الجنّة غير الصّدق وغير الكذب ، وهو المطلوب ، وبالجملة أنّه لو قال المصنّف : (لأنّهم اعتقدوا عدم صدقه) لكان صريحا في نفي الصّدق عن قوله : (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ).
(٢) قوله : «وهم عقلاء» جواب عن سؤال مقدّر ، وتقديره : أنّه يلزم على التّوجيه المذكور ثبوت الواسطة ، على زعم الكفّار وهم كفّار لا يجوز الاعتماد عليهم أصلا ، فلا وجه للالتزام بالواسطة لأنّها ثابتة على زعم الكفّار ولا اعتبار بقطعهم فضلا عن زعمهم.
وحاصل الجواب : يجوز الاعتماد عليهم في أمثال المقام ممّا يرجع فيه إلى اللّغة لأنّهم عقلاء من أهل اللّسان عارفون باللّغة.
نعم ، لا يعتمد عليهم في الأحكام الشّرعيّة الفرعيّة فضلا عن الاعتقاديّة.
(٣) أي حتّى يكون إخباره صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحشر والنّشر ، ممّا ليس بصادق ولا كاذب.
(٤) أي بزعم الكفّار ، وإن كان صادقا في الواقع ونفس الأمر.
(٥) أي على الّذي بيّنّاه في شرح قوله : «لأنّهم لم يعتقدوه» إلى أن قلنا «فمرادهم بكونه خبرا حال الجنّة غير الصّدق وغير الكذب».
(٦) القائل هو الخلخالي حيث قال : إنّ قول المصنّف «لأنّهم لم يعتقدوه» لا يصلح علّة لقوله : «وغير الصّدق» لأنّه لا يلزم من عدم اعتقاد الصّدق عدم الصّدق في الواقع.
وحاصل الجواب : إنّ قوله : «لم يعتقدوه» ليس علّة لعدم الصّدق ، بل هو علّة لعدم إرادة الصّدق ، لأنّ التّقدير (والمراد غير الصّدق لأنّهم لم يعتقدوه).
(٧) أي الشّأن.