مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) وقوله إذ كذّبوا (١) ، مبنيّ على أنّ تكذيب الاثنين تكذيب للثّلاثة وإلّا (٢) فالمكذّب أوّلا اثنان
______________________________________________________
لأنّ اعتقادهم معروف على أنّ الرّسل لا يكون بشرا ، فإثبات البشريّة يستلزم نفي الرّسالة على زعمهم الفاسد.
والثّالث : من قوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) حيث يدلّ على إنكار الرّسالة بالالتزام أيضا ، لأنّهم نفوا إنزال جميع الأشياء حيث إنّ النّكرة في سياق النّفي يفيد العموم فيلزم انتفاء إنزال الرّسالة أيضا ، فإنّ نفي العام يستلزم نفي الخاصّ.
الرّابع : من قوله تعالى : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) حيث يدلّ على إنكار الرّسالة بالمطابقة ، ولهذا أكّد كلام رسل عيسى عليهالسلام بأربع مؤكّدات وهي (رَبُّنا) وإنّ واللّام واسميّة الجملة ، كما عرفت.
ومن هنا يندفع ما قيل في المقام من قولهم : مشتمل على ثلاث إنكارات فكيف أكّد الحكم الملقى إليهم بأربع تأكيدات ، فلا حاجة إلى ما تقدّم من أنّ المراد من كلام المصنّف كون التّأكيد بقدر الإنكار قوّة وضعفا ، ولا اعتبار بالعدد ، فعليه الإنكارات الثّلاث الكائنة في قولهم : في الشّدّة بمكان يناسبها أربع تأكيدات.
(١) أي قول المصنّف أعني إذ كذّبوا أي الرّسل الثّلاث مبنيّ على أنّ تكذيب الاثنين في المرّة الأولى تكذيب الثّلاثة ، إذ من كذّب واحدا من الرّسل فكأنّما كذّب الجميع.
ففي الحقيقة إنّ قوله : «إذ كذّبوا» جواب عن سؤال مقدّر ، تقريره : أنّ ما ذكره المصنّف من قوله : «إذ كذّبوا» بصيغة الجمع لا أساس له إذ المكذّب في المرّة الأولى اثنان منهم ، كما يستفاد من قوله تعالى : (أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ).
والجواب : إنّ تكذيب الرّسل الثّلاث مبنيّ على أنّ تكذيب الاثنين منهم تكذيب للجميع.
كما قال الله سبحانه في المرّة الأولى ، أو قال الله سبحانه حكاية في المرّة الأولى عن قول الرّسل إذ كذّبوا كذا ، ومعلوم أنّ هذا المعنى لا دلالة له على أنّ الثّلاثة كذّبوا في المرّة الأولى ، انتهى.
(٢) أي وإن لم يؤوّل الكلام بما ذكر من أنّ تكذيب الاثنين تكذيب الثّلاثة فلا وجه له ، لأنّ المكذّب في المرّة الأولى هما اثنان بدليل قوله تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ) أي إلى أهل