السّائل [ما يلوح] أي يشير [له] أي لغير السّائل [بالخبر (١) فيستشرف] غير السّائل [له] أي للخبر يعني ينظر إليه يقال : استشرف فلان الشّيء إذا رفع رأسه لينظر إليه وبسط كفّه فوق حاجبه كالمستظلّ من الشّمس [استشراف الطّالب المتردّد نحو : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١)] أي ولا تدعني (٢) يا نوح في شأن قومك واستدفاع العذاب (٣) عنهم بشفاعتك ، فهذا (٤) كلام يلوح بالخبر (٥)
______________________________________________________
بتأكيد استحسانيّ.
الجواب : إنّ قوله : «كثيرا ما يخرج» بمعنى كثيرا ما ، يقصد التّخريج ، ولا ريب في أنّ قصد التّخريج مقدّم على الجعل والتّنزيل والمؤخّر إنّما هو نفس التّخريج ، ثمّ الظّرف أعني «إذا قدّم» متعلّق بقوله : «فيجعل» ، فمعنى العبارة : أنّ جعل غير السّائل بمنزلة السّائل مقيّد بتقديم الملوّح. فيرد عليه حينئذ بأنّه لا يصحّ هذا التّقييد ، لأنّه قد ينزّل منزلته لأغراض آخر كالاهتمام بشأن الخبر ، لكونه مستبعدا والتّنبيه على غفلة السّامع.
والجواب عن ذلك : بأنّ هذا التّقييد بالنّظر لما هو شائع الاستعمال لا للحصر.
(١) أي بجنس الخبر.
(٢) فعل مضارع من الدّعاء ، والتّفسير إشارة إلى أنّ المراد بالنّهي عن الخطاب في شأنهم هو النّهي عن الدّعاء والشّفاعة لهم من قبيل إطلاق العامّ وإرادة الخاصّ.
(٣) عطف تفسيريّ على قوله : «شأن».
(٤) أي قوله تعالى : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) يشعر إشعارا بحسب العرف في أنّ الخبر الآتي من جنس العذاب ، فكان المخاطب به وهو نوح عليهالسلام متردّدا في نوع العذاب ، هل هو الإغراق أم غيره؟.
(٥) أي بجنسه ، وهو كونهم محكوما عليهم بالعذاب كما يشعر به كلام الشّارح لا بخصوص الخبر ، وهو كونهم محكوما عليهم بالإغراق ، إذ ليس في قوله تعالى : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) إشعار بخصوص ذلك.
نعم ، يشعر به مع ضميمة قوله تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ،) ولكنّ المصنّف والشّارح هنا لم ينظرا إلى ذلك أصلا ، فيكون جنس الخبر ملوّحا ، لأنّ التّلويح هو الإشارة الخفيّة ،
__________________
(١) سورة هود : ٣٩.