غير الفاعل في المبنيّ للفاعل وغير المفعول به في المبنيّ للمفعول به [للملابسة] يعني لأجل أنّ ذلك الغير يشابه ما هو له في ملابسة الفعل [مجاز (١) كقولهم : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) فيما بني للفاعل وأسند إلى المفعول به (٢) إذ العيشة مرضيّة [وسيل مفعم] في عكسه أعني
______________________________________________________
ينصب مفعولا له المصدر إن |
|
أبان تعليلا كجد شكرا ودن |
فإنّ هذه التّعاريف تنادي بأعلى صوتها على أنّ الكينونة بعد واو المصاحبة معتبرة في حقيقة المفعول معه والمبيّنة للهيئة داخلة في مفهوم الحال ، والرّافعيّة للإبهام معتبرة في التّمييز والدّلالة على العلّيّة داخلة في حقيقة المفعول له ، ومعلوم أنّ هذه الخصوصيّات تزول عند النّيابة ، فلا يمكن أن تقع نائبة مع بقائها على حالها.
(١) توضيح المجاز : إنّ الرّضا صفة الرّاضي ، فحقيقة الكلام : رضي الرّجل عيشة ، فأسند الفعل إلى المفعول به من غير أن يبنى له ، فحصل رضيت العيشة ، وهو معنى كونه مجازا ثمّ سبك من الفعل المبنيّ للفاعل اسم فاعل ، فقيل عيشة راضية ، فقد جعل المفعول به فاعلا. وبعبارة أخرى إنّ أصله رضي المؤمن عيشة ، ثمّ أقيمت عيشة مقام المؤمن ، لمشابهة بينهما في تعلّق الفعل ، فصار رضيت عيشته ، وهو فعل مبنيّ للفاعل ، فاشتقّ اسم الفاعل منه وأسند إلى ضمير المفعول ، وهو عيشة بعد تقديمه وجعله مبتدأ ، ثمّ حذف المضاف إليه ، فأصبح عيشة راضية. وقال بعضهم الآخر : إنّ الأصل في هذا التّركيب عيشة رضيها صاحبها ، فالرّضا كان في الأصل مسندا إلى الفاعل الحقيقيّ ، وهو الصّاحب ثمّ حذف الفاعل وأسند الرّضا إلى ضمير العيشة ، وقيل : عيشة رضيت ، لما بين الصّاحب والعيشة من المشابهة في تعلّق الرّضا بكلّ وإن اختلفت جهة التّعلّق ، فإنّ تعلّقه بالصّاحب من حيث الحصول منه ، وبالعيشة من حيث وقوعه عليها ، فصار ضمير العيشة فاعلا نحويّا لا حقيقيّا ، ثمّ اشتقّ من رضيت راضية ، ففيه معنى الفعل وأسند إلى المفعول الحقيقيّ فصار عيشة راضية. ونسب إلى الخليل أنّه لا مجاز في هذا التّركيب ، بل الرّاضية بمعنى ذات رضى ، فتكون بمعنى مرضيّة ، فهو نظير لابن وتامر ، وهو مشكل بدخول التّاء ، لأنّ هذا البناء يستوي فيه المذكّر والمؤنّث إلّا أن تحمل على المبالغة.
ثمّ إنّ محلّ الشّاهد هو إسناد الرّاضية إلى الضّمير المستتر الرّاجع إلى العيشة لا إسناده إلى العيشة ، لأنّه إسناد إلى المبتدأ ، والإسناد إليه ليس بحقيقة ولا مجاز عند المصنّف.
(٢) أي أسند قوله : «راضية» إلى ضمير ال «عيشة» المفعول به.