[ونهاره صائم] في الزّمان (١) [ونهر جار] في المكان (٢) ، لأنّ الشّخص صائم في النّهار ، والماء جار في النّهر ، [وبنى الأمير المدينة] في السّبب (٣) ، وينبغي أن يعلم أنّ المجاز العقليّ (٤) يجري في النّسبة الغير الإسناديّة أيضا (٥) ، من الإضافيّة والإيقاعيّة (٦) نحو :
______________________________________________________
(١) حيث أسند «صائم» إلى ضمير النّهار ، وهو (زمان). وتوجيه المجاز إنّ حقيقة هذا التّركيب وأصله وإن كان (صام المرء نهاره) أي في نهاره ، ثمّ حذف الفاعل وأسند الفعل المبنيّ له إلى الزّمان فصار صام نهاره ، وهذا معنى كونه مجازا ثمّ اشتقّ من الفعل اسم الفاعل ، وأخبر به عن النّهار ، فقيل «نهاره صائم» ففي صائم ضمير يرجع إلى نهاره هو فاعل الصّوم أسند إليه الصّوم إسنادا مجازيّا ، لأنّ الصّائم هو الشّخص لا النّهار ، وبالجملة إنّ ما بني للفاعل النّحوي قد أسند إلى الزّمان الحقيقيّ لمشابهته بالفاعل الحقيقيّ أي الشّخص في تعلّق الفعل بكلّ منهما وإن اختلفت جهة التّعلّق ، فإنّ تعلّقه بالشّخص على جهة القيام والصّدور وبالنّهار على جهة الوقوع فيه.
(٢) أي أسند ما بني للفاعل النّحوي إلى المكان الحقيقيّ لمشابهته له بتعلّق الفعل بكلّ منهما كما عرفت وهذا الإسناد ليس إلّا إسنادا مجازيّا ، لأنّ الجاري هو الماء في النّهر لا النّهر.
(٣) أي أسند ما بني للفاعل النّحوي إلى السّبب الآمر لمشابهته له في تعلّق الفعل بكلّ منهما ، فإنّ الأمير سبب وليس هو الفاعل الحقيقيّ.
(٤) وكذا الحقيقة العقليّة تجري في النّسبة الغير الإسناديّة.
(٥) أي كما يجري في النّسبة الإسناديّة ، فهذا الكلام من الشّارح اعتراض على المصنّف.
وحاصل الاعتراض : إنّ تعريف المصنّف للمجاز العقليّ غير جامع حيث لا يشمل للنّسب الإضافيّة والإيقاعيّة ، مع أنّ المجاز العقليّ يجري فيهما أيضا ، وإذا جرى فيهما المجاز العقليّ جرت الحقيقة العقليّة أيضا ، فلا وجه لاختصاص الحقيقة والمجاز بالنّسبة الإسناديّة كما يوهمه كلام المصنّف.
(٦) النّسبة الإيقاعيّة : هي نسبة الفعل إلى المفعول ، فإنّ الفعل المتعدّي واقع على المفعول أي متعلّق به ثمّ المراد بالنّسبة الإضافيّة ههنا إضافة المصدر إلى غير ما حقّه أن يضاف إليه والمجاز في النّسبة الإيقاعيّة عبارة عن إيقاع الفعل المتعدّي على غير ما حقّه أن يوقع عليه.