أعجبني إنبات الرّبيع البقل وجري الأنهار (١) ، قال الله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما)(١) (٢) (مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٣) ونحو : نوّمت اللّيل وأجريت النّهر (٤) ، قال الله تعالى : (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ)(٢) (٥)
______________________________________________________
(١) النّسبة في هذين المثالين إضافيّة ، غاية الأمر إنّ المضاف إليه في المثال الأوّل زمان وفي الثّاني مكان ، فإضافة الإنبات إلى الرّبيع في المثال الأوّل وإضافة الجري إلى الأنهار في المثال الثّاني ، هي إضافة الشّيء إلى غير ما هو حقّه أن يضاف إليه فتكون مجازا.
(٢) أي بين الزّوجين ، حيث تكون إضافة الشّقاق إلى (بَيْنِهِما) إضافة الشّيء إلى غير ما حقّه أن يضاف إليه ، لأنّ الشّقاق والخلاف ليس من الأوصاف القائمة على (بين الزّوجين) بل من العوارض الطّارئة على نفسهما فتكون إضافته إلى البين مجازا لكونها من إضافة الشّيء إلى غير ما هو له.
(٣) إضافة المكر إلى اللّيل والنّهار مجاز بناء على الإضافة بمعنى اللّام ولو جعلت الإضافة بمعنى في ، فلا يكون مجازا بل حقيقة. وذلك إنّ المعنى على تقدير الأوّل إنّ المكر للّيل والنّهار مع أنّه ليس من الأمور القائمة باللّيل والنّهار ، بل قائم بالماكر في اللّيل والنّهار ، فتكون إضافته إليهما مجازا لكونها من إضافة الشّيء إلى غير ما هو له ، هذا في النّسبة الإضافيّة حيث تكون الأمثلة المذكورة من أمثلة النّسبة الإضافيّة.
(٤) هذان المثالان من أمثلة النّسبة الإيقاعيّة ، ولذا أضاف كلمة «نحو» وقال : «نحو : نوّمت اللّيل وأجريت النّهر» كان الأوّل في الأصل نوّمت زيدا في اللّيل ، والثّاني أجريت الماء في النّهر ، فإيقاع الفعل المتعدّي على اللّيل في الأوّل ، وعلى النّهر في الثّاني إيقاع على غير ما هو له ، فيكون مجازا.
(٥) تقريب كون النّسبة الإيقاعيّة مجازا : إنّ نسبة الإطاعة إلى أمر المسرفين وفعلهم نسبة إلى غير ما هو له ، لأنّ المطاع في الحقيقة هو نفس المسرفين ، لا أمرهم فتكون النّسبة الإيقاعيّة فيه مجازا. والمتحصّل من الجميع أنّه ينقض تعريف المجاز في كلام المصنّف ـ أعني إسناد الفعل إلى غير ما هو له ـ بهذه الأمثلة لكونها مجازا مع عدم صدق التّعريف عليها فيكون باطلا.
__________________
(١) سورة النّساء : ٣٩.
(٢) سورة الشّعراء : ١٥١.