باعتبار حقيقة الطّرفين (١) أو مجازيّتهما [أربعة لأنّ طرفيه (٢)] وهما المسند إليه والمسند [إمّا حقيقتان] لغويّتان [نحو : أنبت الرّبيع البقل (٣) أو مجازان] لغويّان [نحو : أحيى الأرض شباب الزّمان (٤)] فإنّ المراد (٥) بإحياء الأرض تهييج القوى (٦) النّامية فيها ، وإحداث نضارتها بأنواع النّبات والإحياء في الحقيقة (٧) إعطاء الحياة ، وهي صفة تقتضي الحسّ والحركة
______________________________________________________
حقيقة ، أو بالعكس ، ويأتي تفصيل ذلك في كلامه فانتظر ، ولكن لا اختصاص للمجاز العقليّ بهذه الأقسام ، بل الحقيقة العقليّة أيضا تنقسم إلى هذه الأقسام وأمثلتها هي الأمثلة الّتي ذكرت للمجاز العقليّ ولكن يختلف الحال بالنّظر إلى المتكلّم ، فإذا كان موحّدا تصبح تلك الأمثلة للمجاز العقليّ ، وإن كان جاهلا تصبح أمثلة للحقيقة العقليّة ، ولعلّ الوجه لترك المصنّف بيان أقسام الحقيقة العقليّة هو ظهورها بالمقايسة.
(١) وهما المسند إليه والمسند.
(٢) أي المجاز العقليّ.
(٣) فإنّ المسند هو «أنبت» والمسند إليه هو «الرّبيع» حقيقتان وصفتان مستعملتان في مكانهما الوضعيّ ولا مجاز فيهما ، وإنّما المجاز بمجرّد الإسناد إذا صدر الكلام المذكور عن المؤمن.
(٤) فإنّ كلّ من الطّرفين مستعمل في غير ما وضع له لأنّ «أحيى» مجاز عن (أنبت) و «شباب الزّمان» مجاز عن الرّبيع.
(٥) أي مراد المتكلّم «بإحياء الأرض تهييج القوى النّامية».
(٦) أي تهييج الله «القوى النّامية» ، والصّواب : المنمّية ، لأنّ الأرض فيها قوى تكون منمّية لغيرها من النّباتات.
(٧) أي في اللّغة ، وحاصل المعنى : إنّ المراد بالإحياء تزيين الأرض بالأشجار والأنهار ونموّ النّباتات والأثمار ، وهو مجاز لغويّ ، لأنّ الحياة حقيقة في القوّة الحاسّة أو ما يقتضيها ، وبها سمّي الحيوان حيوانا ، فأطلق لفظ الحياة على القوّة النّامية مجازا باعتبار كونها من مقدّمات الحياة ، وكذا إنّ المراد ب «شباب الزّمان» هو الرّبيع ، وإطلاق الشّباب على الرّبيع مجاز لغويّ ، والإسناد مجاز عقليّ.